وداعًا رحيق السيد.. والدا فتاة الأزهر يرويان كواليس مصرعها في المنوفية
في قرية صغيرة بمحافظة المنوفية، انتهت حياة الطالبة رحيق السيد جمعة، تاركةً وراءها حزنًا عميقًا في قلوب أهلها وأبناء قريتها.
كانت «رحيق»، الطالبة في الصف الثالث الثانوي الأزهري، مثالًا للأخلاق والطموح، حافظةً لكتاب الله مرتين، حملت في قلبها أحلامًا كبيرة، أبرزها أن تصبح مهندسة.
وفي يوم عادي من حياتها، خرجت «رحيق» من بيتها بعد يوم دراسي مليء بالأمل والاجتهاد، متوجهةً إلى درسها برفقة والدها. استقلت الدراجة النارية خلفه، تحمل حقيبتها وأحلامها التي لم تفارقها، ولم تكن تعلم أن الطريق الذي اختارته لتحقيق حلمها سيكون نفسه طريق النهاية.
وروى والدها، بصوت مملوء بالحسرة، تفاصيل اللحظة المأساوية: «كانت تجلس خلفي ممسكة بي، ولم أشعر بشيء إلا عندما وجدتها تحت عجلات سيارة مسرعة. لم أستطع فعل أي شيء لإنقاذها». السيارة، التي جاءت بسرعة من الخلف، أنهت حياة «رحيق» قبل أن تصل إلى المستشفى أو تتاح لها فرصة إنقاذ.
أما والدتها، التي لم تتوقف عن البكاء واسترجاع ذكرياتها مع ابنتها، فقالت بصوت يملؤه الحزن: «كانت متفوقة جدًا، وكانت تقول لي: (انتظري يا ماما، سأحضر لك شهادة حفظ القرآن قريبًا). كنت أنتظر أن تفرحني بشهادتها، لكن لم أتمكن من الفرح بها».
الجيران، الذين تجمعوا لتقديم العزاء للأسرة، أجمعوا على أن «رحيق» لم تكن فتاة عادية، وقال أحدهم: «كانت دائمًا متميزة، تُكرَّم في المناسبات، وكلنا كنا نفتخر بها. كانت تحلم بأن تصبح شيئًا كبيرًا وتعلم البنات الدين».
وفي مشهد مهيب، خرجت القرية بأكملها لتوديع «رحيق»، وامتلأ المسجد الكبير بالمصلين، الذين توافدوا للصلاة عليها والدعاء لها، قبل أن يشيّعها الجميع إلى مثواها الأخير بمقابر الأسرة.
وأمام هذه المأساة، استجاب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لهذه القصة المؤثرة، ووجه رسالة تعزية إلى أسرة الفقيدة، معربًا عن حزنه العميق.
كما أرسل وفدًا من الأزهر لتقديم واجب العزاء، حاملين معهم كلمات المواساة ودعواته بأن يجعل الله «رحيق» في منزلة الشهداء والصالحين.