في انتظار محمد السنوار.. آخر تطورات صفقة تبادل الأسرى في غزة
في أزقة المخيمات الفلسطينية، وبين جدران البيوت التي اعتادت الألم والصمود، يعيش أهالي الأسرى الفلسطينيين حالة من الترقب والانتظار بفارغ الصبر. الأحاديث تملأ الأجواء حول الأمل الذي أطل من جديد بفرصة الإفراج عن أحبائهم المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بفضل الجهود المستمرة التي تُبذل لتحقيق صفقة تبادل الأسرى.
سنوات من الفقد والمعاناة
"سنوات طويلة ونحن ننتظر هذه اللحظة"، تقول أم محمود، والدة أحد الأسرى المعتقلين منذ أكثر من 15 عامًا. بعيون تفيض بالدموع، تسترجع ذكريات ابنها الذي كان يبلغ من العمر 20 عامًا عندما اقتاده جنود الاحتلال. "كنت أتمنى أن أراه يكبر أمام عيني، أن يحتفل بزواجه هنا بيننا، لكنه قضى شبابه خلف القضبان".
القصص الإنسانية تتشابه في تفاصيلها بين أهالي الأسرى. كل أسرة تحمل جرحًا عميقًا يزداد نزفه مع مرور الوقت. الأبناء يكبرون دون آبائهم، والآباء يشيخون على أمل احتضان أبنائهم ولو ليوم واحد.
"العيد يأتي ويذهب، وشهر رمضان يمر علينا كأننا في حالة حداد دائمة"، يقول أبو سامر، والد أسير آخر. "لكن هذه المرة، يبدو أن الأمل حقيقي، خاصة بعد التصريحات الأخيرة حول اقتراب الاتفاق على صفقة تبادل".
صفقة الأمل المنتظرة
محمد السنوار، قائد حركة حماس والمسؤول عن ملف الأسرى، بات الأمل الذي يتعلق به أهالي الأسرى. المفاوضات الجارية تُعتبر الأكثر جدية منذ سنوات، وفقًا لتقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين.
"نحن لا نريد سوى حقوقنا، الإفراج عن أبنائنا مقابل الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدينا"، يقول أحد أقارب الأسرى. "نعلم أن المفاوضات ليست سهلة، لكنها هذه المرة تحمل في طياتها فرصة حقيقية لإنهاء معاناتنا".
انتظار رمضان مختلف
مع اقتراب شهر رمضان، يزداد الأمل بين الأهالي في أن يكون هذا العام مختلفًا. فالجميع يتخيل تلك اللحظة التي يُفتح فيها الباب، ويدخل الأسير العائد إلى بيته بين عائلته وأحبائه.
"أتخيل كيف سيجلس أحمد معنا على مائدة الإفطار، كيف سيشاركنا صلاة التراويح والقيام"، تقول أم أحمد، وهي تمسح دموعها. "كم افتقدنا هذه اللحظات البسيطة التي يراها الآخرون عادية، لكنها بالنسبة لنا حلم كبير".
الأطفال الذين لم يروا آباءهم منذ سنوات يتحدثون عن خططهم للاستقبال. "أنا سأحمل الزينة، وسأعلقها في البيت"، يقول يوسف، حفيد أحد الأسرى. "وسأخبره أنني كنت شجاعًا مثله عندما كنت أنتظره".
دعم شعبي ودولي
لا تقتصر مشاعر الترقب على أهالي الأسرى فقط. في كل زاوية من فلسطين، تتعالى الدعوات لدعم جهود الصفقة. المساجد، الساحات العامة، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى منصات للتضامن والدعاء.
على الصعيد الدولي، أبدت بعض المنظمات الحقوقية دعمها للجهود الرامية إلى إنهاء معاناة الأسرى وعائلاتهم. فمن حق كل إنسان أن يعيش مع أسرته، أن يتمتع بالحرية.
الأمل مستمر رغم التحديات
ورغم حالة التفاؤل التي تسود الأجواء، إلا أن التحديات لا تزال قائمة.
لكن أهالي الأسرى، ورغم كل الصعوبات، يرفضون فقدان الأمل. "حتى لو استغرق الأمر وقتًا أطول، نحن واثقون أن الحرية قادمة"، يقول أبو محمود، أحد آباء الأسرى. "هذا حقنا، ولن نتنازل عنه مهما طال الزمن".
كواليس صفقة تبادل الرهائن والأسرى
وكشف مسئول امريكي كواليس المفاوضات التي استمرت لـ 96 ساعة متواصلة نتج عنها التوصل أخير الى اتفاق وقف اطلاق النار في غزة واطلاق سراح الرهائن المحتجزين، ووضع جدول زمني للمفاوضات والتنسيق بين فريق الرئيس جو بايدن المنتهية ولايته ودونالد ترامب الذي سيتسلم مقاليد الحكم رسميا الاثنين المقبل.
ووفقا لشبكة ايه بي سي الامريكية، فيما يلي بعض النقاط البارزة:
قال المسؤول الذي لم يتم الكشف عن اسمه إن بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحدثا بعد ظهر الأربعاء وقال: "كانت مكالمة ودية للغاية، تمثل هذه اللحظة، ولكنها تعكس أيضًا الرعب الذي شهدته إسرائيل منذ 7 أكتوبر، وكذلك الرعب الذي واجهه الرهائن وهم يعيشون في هذه الظروف المظلمة والمرعبة.. نحن الآن متفائلون جدًا بأننا سنبدأ في رؤية الرهائن يعودون إلى ديارهم في وقت مبكر من يوم الأحد" كما أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى أنه يعرف الرئيس بايدن منذ 44 عامًا، وهو أمر يصعب تصديقه، وأضاف: "مقدار التاريخ الذي شهده هذان الشخصان معًا أمر غير عادي تمامًا".
وقال المسؤولون إن اثنين من الرهائن الأميركيين الأحياء سيكونان جزءًا من هذه المرحلة الأولى من الاتفاق، ومن المتوقع إطلاق سراح كيث سيجل وساجوي ديكل-تشين، حيث يتأهل سيجل للإفراج عنه لكبر السن، بينما يتأهل ديكل-تشين بسبب إصابته.
وأشار المسؤول إلى أنه تعرض لإطلاق النار في السابع من أكتوبر وسوف يكون إيدان ألكسندر في المرحلة الثانية من الإفراج بسبب خدمته في جيش الدفاع الإسرائيلي. وأشار المسؤول إلى أنه تحدث مع والد ألكسندر مساء الثلاثاء وأن الولايات المتحدة تظل ملتزمة تمامًا بإخراجه.
وقال: "نحن ملتزمون بإخراج جميع الامريكيين، هؤلاء مواطنون امريكيون-إسرائيليون، جميعهم من غزة، سواء كانوا على قيد الحياة أو بقوا هناك. هذا هو التزامنا".
التنسيق مع فريق ترامب
أقر المسؤولون في المكالمة بالشراكة بين إدارة بايدن وترامب، قائلين إن التنسيق بين المبعوث الأمريكي بريت ماكجورك وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، على مدار الـ 96 ساعة الماضية كان "غير مسبوق تقريبًا" ورائعًا للغاية.
وقال المسئول الأمريكي: "قبل أربعة أيام، خرج ستيف ويتكوف للانضمام إلى بريت في الدفعة الأخيرة، والتي أعتقد أنها غير مسبوقة تاريخيًا. وكانت شراكة بناءة للغاية ومثمرة للغاية.. أعتقد أنه في مرحلة ما، سيتحدث الاثنان أكثر عن ذلك، لأنه كان رائعًا حقًا، وأعتقد أنه يتحدث عن ما يمكن القيام به في البلاد عندما يركز على الهدف المشترك".
وقال في الإدارة إن التنسيق بين الإدارتين جاء من بايدن، الذي "حدد النغمة" لانتقال سلس بعد اجتماعه في المكتب البيضاوي مع ترامب بعد انتخابات نوفمبر، لكنه تهرب من الأسئلة حول "عامل ترامب" في الصفقة وما إذا كان توليه منصبه "عاملًا محفزًا" لإتمام الصفقة. في مرحلة ما، حيث قال إن ترقب الإدارة القادمة كان موعدًا نهائيًا "طبيعيًا".
وقال المسؤول: "في أي مفاوضات، وأي دبلوماسية اختراقية، نحتاج أحيانًا إلى موعد نهائي، وأحيانًا يكون هذا موعدًا نهائيًا مصطنعًا تحاول خلقه".
وأضاف: "لكن هناك أيضًا مواعيد نهائية طبيعية، والانتقال من رئيس إلى آخر كان أحدها. لكن المحفز لهذه الدبلوماسية المكثفة كان هزيمة حزب الله، ووقف إطلاق النار في لبنان والعزلة الهائلة لحماس التي أعادتهم إلى الطاولة، وللمرة الأولى، قبول قائمة رهائن، نعم، هؤلاء هم من سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة التي أدت إلى هذا الاختراق النهائي".
وعندما سُئل عن إنذار ترامب بأن "أبواب الجحيم ستفتح في الشرق الأوسط" إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه، أجاب المسؤول: "لقد قتحت أبواب الجحيم على حماس بشكل هائل".
نهاية قد تحمل بداية جديدة
مع كل يوم يمر، يزداد الترقب. الأخبار تتسارع، والتوقعات ترتفع. وفي ظل هذه اللحظات الفارقة، تبقى قلوب أهالي الأسرى مليئة بالدعاء والرجاء أن تكون هذه الصفقة بداية لطي صفحة الألم وفتح صفحة جديدة من الحرية والكرامة.
"نحن ننتظر أن يتحقق الحلم، أن نرى أسرانا بيننا، أن يكون هذا العام مختلفًا"، تختم أم محمود حديثها. "لن يفقد الأمل أبدًا من ذاق طعم الصبر".