«منعرفش مصيرنا إيه؟».. حكاية 110 طلاب بالمنح «الأمريكية» تسبب تجميد المساعدات في غموض مستقبلهم
«من 4 شهور سفيرة أمريكا قالت لنا أنا فرحانة أننا نستثمر فيكوا، دلوقتي احنا ولا حاجة ملناش مستقبل ومنعرفش مصيرنا»، قالتها متأثرة آية الشامي طالبة التمهيدي ببرنامج «رواد وعلماء مصر» بالجامعة الأمريكية.
رسالة عبر البريد الإلكتروني ألقت بمستقبلهم في العدم، بعد بداية أولى أيام النشاط الدراسي في حرم الجامعة الأمريكية، طُلب منهم التجمع في قاعة لإخبارهم بأنه اليوم الأخير لهم في الحرم الجامعي، بعد قرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجميد مساعدات بلاده الخارجية، وأن مصائرهم معلقة لأجل غير مسمى، وهو ما أكدته الجامعة برسالة بريد إلكتروني رمسية في صباح اليوم التالي.
قرار الوكالة الأميركية للتنمية بتعليق تمويل برامجها، ترتب عليه مخاوف عديدة لدى طلاب المنح الأمريكية في مصر، حتى حسمت وزارة التعليم العالي مصيرهم، وأكدت الالتزام بجميع المخصصات والمصروفات الدراسية للطلاب المُلتحقين بالجامعات المصرية، عبّر منح مقدمة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعددهم 1077 طالبًا، وذلك عقب قرار تعليق جميع برامج الوكالة على مستوى العالم لمدة 90 يومًا.
لكن 110 طلاب ما زالوا يواجهون الأزمة، لأنهم دخلوا الجامعة الأمريكية في مصر بناء على منحة بعد الثانوية العامة مباشرة من الوكالة الأمريكية للتنمية، وبالتالي لن تدفع أي جامعة مصرية تكلفة دراستهم لأنهم لا ينتمون لأي جامعة حكومية من الأساس.
الجامعة، رفضت في البداية تحمل تكلفة أي مصاريف خاصة بهم من ثم وافقت على دفع تكاليف الفصل القادم فقط، لكن هذا القرار شمل الطلاب الذين بدأوا بالفعل دراسة الفصل الأول في الجامعة الأمريكية، بينما الطلاب الذين يدرسون الفترة التمهيدية التي أقرتها الجامعة أولًا قبل بداية العام، هؤلاء لم يشملهم أي قرار حتى الآن. والآن هناك 110 طلاب تنصلت منهم الجامعة، وهما الدفعة الثانية من برنامج «رواد وعلماء مصر»، والدفعة الخامسة من المنح الجامعية للوكالة الأمريكية.
لحظات فوضى وضياع.. كواليس طرد الطلاب من أماكنهم
«لازم تمشوا حالا وكل واحد يروح محافظته، كلنا كنا بنعيط مستقبلنا ضاع وعندنا حالة إنكار»، استكملت آية حديثها حول كواليس طلب الجامعة إخلاء جميع الأماكن التي يشغلها الطلبة، قائلة:« في أول يوم لكامب خاص بالمنحة يبدأ قبل الدراسة بأسبوع طلبوا منا الذهاب لحضور اجتماع، وأبلغونا أن جميع الأنشطة التابعة لـUSA متوقفة لجميع الجامعات، والآن عليكم بالمغادرة من أي مكان ذو صلة بالجامعة».
وتابعت: « في اليوم التالي أرسلت الجامعة إلينا بريدًا إلكترونيًا يُبلغنا بأننا لن نستكمل أي دراسة تابعة للجامعة، فكرنا في البداية الذهاب لرئيس الجامعة ثم أبلغونا أنه قرار سياسي، ولا تدخل لهم فيه، وأن لدينا ساعتين فقط من أجل الذهاب، وإلا سيدفع كل طالب 27 دولار، ذهبنا سريعًا لغرفنا. الجميع يحاول جمع أغراضه بأي شكل، بيننا طلاب من الصعيد طلبوا أي استثناءات لأنهم لا يعلمون أين يذهبون الآن، إلا أن الرفض كان سيد الموقف، بيننا من كان معهم حقائب عديدة غير قادرين على حملها والجميع وقف بحقائبه بالخارج، فالجميع يبكي، وخائف ولا يعلم ماذا يحدث».
الأحداث ذاتها تكررت مع محمد حمدي طالب ضمن الـ110 المتضررين، قال:«تفاجأنا إنه وصلنا إيميل من الجامعة يبلغنا إما نتصرف في مصاريفنا الجامعية أو نغادر. كنا متوقعين إن المنحة هتتوقف 90 يوم فقط، لكن فجأة قالوا إن ما فيش تمويل تاني، ومش هندخل الترم التاني. وبعدين اكتشفنا إن رئاسة الوزراء قررت تدعم الطلاب زمايلنا، من البادئين بالفعل بدراسة ترم واحد فقط. أما نحن لا مكان لنا أو دعم لأننا في فترة المتهيدي».
عام دراسي ضاع بلا عودة
يتابع محمد حديثه أن الأزمة الأكبر في فقدانا سنة دراسية الآن، فنحن أمام سنة من أعمارنا ستضيع بلا فائدة، لا دراسة في الجامعة الأمريكية ولا حتى رجوع للجامعات الحكومية.
ويتابع أن: «المنحة الأمريكية تقبل طلاب الثانوية العامة بشرط دراستهم فترة تمهيدية لدراسة اللغة الإنجليزية أولًا وتأهيلهم للدراسة الجامعية أما باقي الجامعات فتقبل الطلاب بشكل طبيعي، لكن الجامعة الأمريكية بتطلب فترة تأهيلية خاصة للطلاب قبل دخولها. فنحن بالفعل منتسبين للجامعة وانتهينا من هذه المرحلة والآن كنا مستعدون لدخول المرحلة التالية وهي الدراسة العلمية، لكن الآن كل شيء توقف لأن الجامعة قررت دعم فقط من بدأوا بالفعل في الدراسة فقط، بينما من أنهوا فترة التمهيدي ولم يدخلوا مرحلة الدراسة العلمية لا دعم لهم».
وأضاف: «نحن تم اختيارنا في الأساس بسبب تفوقنا الدراسي وخطوات عديدة مررنا بها للقبول في هذه المنحة حتى يتم اختيارنا والآن نحن لا نعلم مصيرنا».
يقول الدكتور عمر ثابت مدرس بالجامعة الأمريكية، كان على الطلاب دفع آلاف الدولارات قبل 12 فبراير الجاري، أو مغادرة الجامعة، مما شكل ضغطًا ماليًا شديدًا عليهم. مُتابعًا أن توقف العديد من المنح التي كانت تُقدَّم للطلاب في مصر فجأة بسبب القرارات الأمريكية، أثر بشكل كبير على الكثير من الطلاب الذين كانوا يتلقون دعمًا ماديًا. هذه المنح توفر لهم برامج تدريبية تطور جدًا من مهارتهم، بما في ذلك فرص للسفر لدراسة فصل دراسي خارج البلاد.
وتابع: الطلاب غير قادرين على دفع مصروفات الجامعات، خصوصًا في الجامعة الأمريكية، حيث تكون المصاريف عالية جدًا. وزارة التربية والتعليم وبعض رجال الأعمال بدأوا في محاولات لتوفير حلول، لكن هذا القرار ترك حوالي 200 طالب في موقف صعب، حيث تم قبولهم في الجامعة الأمريكية العام الماضي، لكنهم لم يتم تسجيلهم، وتمت إعطاؤهم برنامج تدريبي فقط لتأهيلهم للدخول، ومع توقف المنحة أصبح مصيرهم مجهولًا.
طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة تأثروا بالقرار
في حديث الطالبة آية لفتت الانتباه لزملاء من ذوي الاحتياجات الخاصة سواء بالنظر أو بالسمع وغيرها ممن يدرسون بالجامعة وتوقفت منحهم هم الأخرين قائلة: أنها ضمن الجامعات القليلة في مصر التي تحترف التعامل مع طلاب الاحتياجات الخاصة وعلى مدار الفترة الماضية كانوا في بيئة مناسبة تدعمهم، مُتابعة «إنهم شافوا الحياة الآدمية الي يستاهلوا وأصبح صعب جدًا عليهم يرجعوا يتكيفوا مع الصعوبات من جديد في جامعات آخرى»
مدرسين هذه المنح تم وقفهم عن العمل
أضاف الدكتور عمر ثابت: أن العديد من المدرسين في الجامعات المتعاونة مع المنح تعطلوا عن العمل بسبب توقف البرامج الممولة. كان هناك حوالي 16 مدرسًا يعملون بنظام « سمستر هاير» (عقد تجديد كل فصل دراسي) وقد تم إيقافهم جميعًا. البرامج التعليمية المخصصة للطلاب توقفت بالكامل، مما أثر على الجميع، سواء من حيث المدرسين أو العاملين في هذه البرامج