رحلة علاج تنتهي بمأساة.. تفاصيل مصرع عائلة بأكملها تحت عجلات سيارة يقودها «صبي» في الصف

رحلة علاج تنتهي بمأساة..
رحلة علاج تنتهي بمأساة.. تفاصيل مصرع عائلة بأكملها تحت عجلات

كانت الساعة تشير إلى ما بعد الظهيرة عندما قرر محمد شعبان الدكمي، المحامي الشاب، الخروج مع أسرته من منزلهم الكائن في قرية عرب أبوساعد بالصف في الجيزة. الوجهة كانت مستشفى التبين العام في حلوان، حيث كان صغيره شعبان يعاني من وعكة صحية تحتاج إلى فحص طبي. الرحلة بدت بسيطة، عادية، كبقية الأيام التي تحمل تفاصيل صغيرة عن الحياة، لكن في هذه المرة، لم تكن النهاية عادية أبدًا.

رافقه في تلك الرحلة أخوه أحمد، ابنه شعبان، والدته، وزوجته. خمس أرواح استقلت مركبة صغيرة في سبيل هدف واحد: الاطمئنان على الطفل. طوال الطريق إلى المستشفى، كان الحديث بين الأسرة يحمل مزيجًا من الدعابة والاطمئنان. لم يكن في حسبانهم أن تلك اللحظات ستكون الأخيرة التي يجتمعون فيها معًا.

انتهت إجراءات الكشف في المستشفى، وقرروا العودة إلى المنزل. أمام بوابة المستشفى، وقف محمد يفكر في وسيلة العودة، في ظل ازدحام المواصلات العامة، وقع اختيارهم على «توك توك». وسيلة نقل بسيطة، لكنها باتت رفيق أهل القرى والمناطق الشعبية في أغلب تنقلاتهم اليومية. صعد الجميع، وانطلق السائق. لم يكن هناك شيء يوحي بالخطر، إلا أن القدر كان يكتب مشهده الأخير بصمت.

بينما كان التوك توك يشق طريقه نحو المواصلات الأخرى، ظهرت فجأة سيارة ربع نقل على الطريق. كان يقودها صبي صغير، متهور بلا وعي أو تدريب، يتحكم في مقود شاحنة ضخمة دون إدراك لعواقب الأمور. في لحظة واحدة، وبدون سابق إنذار، انحرفت السيارة لتصطدم بالتوك توك الصغير، ساحقةً إياه تحت وزنها الهائل.

المشهد كان مروعًا

لم يكن هناك وقت للنجاة. قوة الاصطدام حولت التوك توك إلى كتلة من الحديد المشوه، محتجزة بداخلها خمسة أجساد بريئة. صرخات من شهود العيان، محاولات بائسة لإخراجهم، لكن الحديد كان أقسى من الأيادي المرتعشة.

في دقائق معدودة، وصلت قوات الحماية المدنية. رجال الإسعاف والدفاع المدني كانوا في سباق مع الزمن. منشار كهربائي بدأ يقطع الحديد في محاولة يائسة للوصول إلى الأرواح المحبوسة بداخله. لكن، كانت الحياة قد انسحبت بهدوء، تاركة خلفها جثامين هامدة وأرواحًا صعدت إلى السماء.

القرية في حداد:

عندما وصل الخبر إلى قرية عرب أبوساعد، خيم الحزن على الأرجاء. كان المشهد أشبه بمأتم جماعي، حيث فقدت القرية خمسة من أبنائها دفعة واحدة. محمد شعبان الدكمي، المحامي الشاب الذي عرف بأخلاقه العالية وشهامته، رحل ومعه شقيقه وزوجته وطفله ووالدته. الجميع كان في حالة صدمة، فالحديث عن الحادث كان يتردد في كل مكان، والدموع لم تتوقف عن الانهمار.

مناظرة النيابة:

حضرت النيابة العامة إلى مكان الحادث لمعاينة الجثامين والموقع. أكدت التحقيقات الأولية أن السائق كان صبيًا صغيرًا، دون رخصة قيادة أو خبرة، تم القبض عليه على الفور، وبدأت التحقيقات لمعرفة ملابسات الحادث.

مكان الجثامين:

نُقلت الجثامين إلى مشرحة المستشفى، حيث بدأت الإجراءات الرسمية لتسليمها إلى ذويهم. كان المشهد في المشرحة أشد قسوة، العائلات المفجوعة وقفت تنتظر رؤية أحبائها للمرة الأخيرة، صرخات الألم امتزجت بالدموع، وألسنة الجميع تردد: «إنا لله وإنا إليه راجعون».