فريق طبي بقصر العيني ينجح في إنقاذ حياة مريضة بتقنيات الإيكمو.. تفاصيل
في سابقة طبية تعكس الريادة، نجح الفريق الطبي بوحدة الإيكمو في مستشفى قصر العيني في إنقاذ حياة مريضة تعرضت لفشل تنفسي حاد بعد الولادة، وهي حالة تُعد من أكبر التحديات الطبية، إذ استلزمت توصيلها بجهاز الإيكمو لفترة غير مسبوقة تجاوزت 43 يومًا، في ظل رعاية طبية دقيقة وشاملة، مما أسفر عن تعافيها التام وخروجها من المستشفى بعد 75 يومًا من العلاج المكثف.
تمثل وحدة الإيكمو ثورة طبية في إنقاذ الحالات الحرجة، إذ تعكس نموذجًا متطورًا للرعاية الطبية الفائقة. فقد تم افتتاحها في 23 يناير 2024 لتكون الوحدة الوحيدة لدعم الحياة القلبية التنفسية بالإيكمو في مصر والشرق الأوسط، ومنذ ذلك الحين استقبلت 114 مريضًا، خضع 70 منهم لتوصيل الجهاز بنجاح، بمعدل شفاء بلغ 72%، وهي نسبة تضاهي المعدلات العالمية التي تتراوح بين 55-60% وفقًا لتقارير منظمة ELSO الدولية.
وفي هذا السياق، أعرب الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة المستشفيات، عن فخره بهذا الإنجاز قائلًا:
"ما حققته وحدة الإيكمو اليوم هو تجسيد حي لما نطمح إليه في مستشفيات جامعة القاهرة، حيث نعمل جاهدين على توفير بيئة طبية متكاملة تعتمد على أحدث التقنيات العالمية. إن نجاح هذه الحالة الفريدة يعكس مدى التقدم الذي وصلت إليه مستشفياتنا الجامعية، ليس فقط في القدرة على التعامل مع الحالات الحرجة، بل في تحقيق نسب شفاء تضاهي المراكز الطبية الرائدة عالميًا. إننا نؤمن بأن التفوق الطبي لا يتحقق إلا بالعلم والابتكار والعمل الجماعي، وهذا الإنجاز ليس سوى بداية لمزيد من النجاحات."
وأكد صلاح أن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا الإيمان العميق برسالتنا في تقديم الطب بأعلى مستوياته، مشيرا إلى أن هناك جهد كبير يبذل في تطوير مستشفيات جامعة القاهرة ورفع كفاءة كوادرها الطبية، حتى يظل قصر العيني دائمًا منارة للعلم والطب في مصر والعالم العربي، موضحا أن هذه ليست نهاية الطريق، بل بداية لعصر جديد من التميز الطبي.
قصر العيني يكشف تفاصيل إنقاذ حياة مريضة بالإيكمو
و الجدير بالذكر أن رحلة المريضة بدأت مع معاناتها إثر إصابتها بالتهاب رئوي حاد أثناء الولادة في أحد المستشفيات بالقاهرة، مما أدى إلى تطور حالتها سريعًا إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)، وهي حالة قاتلة تتسبب في نقص حاد في الأكسجين وهبوط حاد في الدورة الدموية. مع تدهور حالتها وعدم استجابتها للعلاج التقليدي، تقرر نقلها على الفور إلى وحدة الإيكمو بمستشفى قصر العيني، حيث كانت فرص النجاة ضئيلة للغاية.
وعن تفاصيل العلاج، أوضح الدكتور أكرم عبد الباري، رئيس وحدة الحالات الحرجة:
"عندما استقبلنا المريضة، كانت حالتها ميؤوسًا منها وفقًا للمعايير التقليدية، لكننا في وحدة الإيكمو اعتدنا التعامل مع أكثر الحالات تعقيدًا. تم توصيلها بالجهاز فورًا، مع تقديم دعم طبي مكثف يشمل التنفس الصناعي الذكي المتوافق مع الجهاز العصبي، منظار الصدر، الغسيل الكلوي المستمر، قسطرة الشريان الرئوي، والعلاج الطبيعي المكثف. كان أمامنا تحدٍّ حقيقي: هل يمكن لجهاز الإيكمو أن ينقذ هذه الحالة رغم بقائها عليه لفترة أطول من المعدلات المعتادة؟ اليوم، نستطيع القول بكل ثقة إن الإجابة هي نعم."
وأضاف أن ماحدث مع المريضة كان ملحمة طبية استمرت 75 يومًا٠لم تكن هذه الرحله مجرد علاج طبي، بل كانت تحديًا علميًا وإنسانيًا استمر 75 يومًا، سطّره فريق طبي متكامل عمل على مدار الساعة لضمان استقرار حالة المريضة وتعافيها التام. فمنذ اليوم الأول، كان لابد من تنسيق جهود عدة تخصصات لضمان تحقيق النجاح، وهو ما أكد عليه عميد الكلية في حديثه عن هذا الإنجاز.
والدكتور أكرم عبد الباري أن ما حدث هو نتيجة تضافر جهود جميع الفرق الطبية. لم يكن الأمر مجرد تشغيل جهاز، بل كان عملًا دقيقًا يتطلب توازنًا بين العلاجات المختلفة، ومتابعة دقيقة لكل وظائف الجسم، وتدخلات طبية متواصلة للحفاظ على وظائف الأعضاء. إن رؤية المريضة تخرج من المستشفى بعد هذا الصراع كانت لحظة انتصار حقيقية لكل فرد في الفريق.
الفريق الطبي المشارك في إنقاذ المريضة بقصر العيني
شارك في هذا الإنجاز فريق طبي متميز، ضم نخبة من أمهر الأطباء والمتخصصين في طب الحالات الحرجة، وهم:
الأطباء المعالجون: أ.د. أكرم عبد الباري، أ٠د. محمد يسري، أ٠د. أحمد سعيد، أ٠د. محمود سعد، أ٠د. أحمد يحي، أ٠د. هاني زكريا،أ٠ د. محمد كمال،أ٠ د. أحمد فايد..
العلاج الطبيعي: بقيادة أ٠ د. إحسان ربيع، الذي كان له دور بارز في استعادة المريضة لوظائفها الحركية والتنفسية بعد فترة طويلة من العناية المركزة.
أ٠د. أماني أبو زيد، التي أشرفت على الفحوصات المعملية الدقيقة لمراقبة وظائف الأعضاء الحيوية.
فريق التمريض: تحت إشراف الاستاذه حنان إسماعيل، حيث لعب الطاقم التمريضي دورًا محوريًا في الرعاية المستمرة للمريضة٠
يمثل هذا النجاح علامة فارقة في تاريخ الطب المصري، حيث يبرهن على أن مستشفى قصر العيني ليس مجرد مؤسسة طبية تقليدية، بل هو مركز عالمي للرعاية الحرجة قادر على تحقيق إنجازات تضاهي أكبر المستشفيات العالمية.