الضفة الغربية تستعد لرمضان في ظل أوضاع اقتصادية وأمنية صعبة

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يُتوقع أن يبدأ في 1 مارس 2025، تغيب مظاهر الفرح التقليدية في شوارع الضفة الغربية، حيث يُهيمن التوتر الأمني والركود الاقتصادي على المشهد، مما دفع شخصيات دينية ومجتمعية إلى الدعوة للاحتفال بشهر الصيام بشكل "متواضع" يتناسب مع التحديات الراهنة.
الوضع الاقتصادي: أرقام صادمة تُفسر غياب الزينة
البطالة: وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2024)، تصل نسبة البطالة في الضفة الغربية إلى 18%، مع وجود 32% من الشباب دون سن الـ30 عاطلين عن العمل.
الفقر: يعيش 29% من السكان تحت خط الفقر، بينما يعاني 60% من صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية، بحسب تقرير البنك الدولي (2023).
التضخم: ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 12% خلال العام الماضي، مع ارتفاع سعر كيلو الدقيق إلى 5 شواكل (1.4 دولار)، والتمر إلى 20 شيكلًا (5.5 دولارات).
الدعم الدولي: انخفضت المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية بنسبة 35% منذ عام 2022، وفقًا لوزارة المالية.
الوضع الأمني: توترات تُخيم على الأجواء
الاشتباكات: سجّلت الأمم المتحدة 320 حادثة عنف في الضفة الغربية منذ بداية 2025، نتج عنها استشهاد 27 فلسطينيًا، وإصابة 450 آخرين.
الاعتقالات: أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن اعتقال 1،200 فلسطيني خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينهم أطفال.
الحواجز العسكرية: يُفرض حصار متقطع على مدن مثل نابلس وجنين، مع وجود 65 حاجزًا عسكريًا تعيق حركة المواطنين والبضائع.
المنظور الديني: دعوات للتعبد دون إسراف
في تصريح لـ"فضيلة الشيخ محمد عبد الهادي"، عضو المجلس الأعلى للمفتين:
"نحثُّ الناس على التركيز على الجوانب الروحية لرمضان، وتجنب الإسراف في المأكل والمشرب. الفرح الحقيقي ليس في الزينة، بل في إغاثة المحتاجين".
بدورها، أطلقت مؤسسات دينية حملة "رمضان بلا تبذير"، داعيةً إلى توجيه الأموال نحو دعم الأسر الفقيرة، التي تُقدر منظمات الإغاثة عددها بـ120 ألف أسرة في الضفة.
تحضيرات رمضان: أسواق شبه خاوية وأولويات متغيرة
السوق التجاري: انخفضت مبيعات الزينة الرمضانية بنسبة 70% مقارنة بعام 2023، وفقًا لتجار محليين في رام الله.
الجمعيات الخيرية: سجلت جمعية "برج اللقلق" الخيرية زيادة بنسبة 45% في طلبات المساعدة الغذائية مقارنة بالعام الماضي.
الاستعدادات المنزلية: أظهر استطلاع أجرته "وكالة أنباء فلسطين" أن 80% من الأسر قلصت ميزانية شراء مستلزمات الشهر بنسبة 50%.
رأي المواطن: بين القلق والأمل
أم محمد، من الخليل: "كيف نفرح وأبنائي عاطلون، وأخي في السجن؟ نصوم ونصلي، لكن الفرح يحتاج أمنًا واستقرارًا".
علي، بائع حلويات من نابلس: "الموسم الأسوأ منذ 10 سنوات. الناس تشتري القليل، والسلع مرتفعة… حتى الكعك التقليدي لم يعد في المتناول".
تحذيرات دولية: خطر تفاقم الأزمة
حذرت منظمة الأغذية العالمية (الفاو) من أن 40% من سكان الضفة الغربية قد يواجهون انعدامًا غذائيًا حادًا إذا استمر تدهور الأوضاع. كما ناشدت الأمم المتحدة المجتمع الدولي توفير 50 مليون دولار كمساعدات عاجلة قبل رمضان.
رمضان بين مطرقة الواقع وسندان الأمل
رغم الغيوم السوداء، لا يزال الأمل حاضرًا في قلوب الكثيرين. تقول "منى"، ناشطة مجتمعية من بيت لحم:
"رمضان شهر الصبر والتضامن… نتعلم من صيامنا أن الأزمات مؤقتة، وأن الفرج قريب".
يبقى السؤال: هل يستطيع الفلسطينيون تحويل رمضان إلى منصة لتعزيز الصمود، أم أن الثمن سيكون مزيدًا من المعاناة؟