حامل وحدفها في الصحرا.. سر مكالمة أوقعت حارس جراج الوايلي المتهم بإنهاء حياة زوجته

في ساعة متأخرة من الليل، كان الهدوء الظاهري يُخفي صخبًا داخليًا لا أحد يعرفه بعد، تحت عمارة سكنية شاهقة بمنطقة الوايلي في القاهرة، حيث يعمل «ياسر» حارسًا للجراج، كانت مأساة تتخمر في صمت، قبل أن تنفجر على هيئة جريمة تُصبح حديث الناس لأيام «الراجل قتل مراته عشان شتمته، ضربها بطوبة على راسها فماتت وحطها داخل مرتبة سرير وشالها جوه عربية، ورمى الجثة في صحراء زهراء المعادي»، يتداولون ما ورد بتحريات أجهزة الأمن حول الواقعة.
حارس جراج ينهي حياة زوجته بسبب مشادة كلامية
لم يكن الجيران يعرفون عن «ياسر» وزوجته الكثير. يقول أحمد وجدي، أحد سكان الشارع: «أنا شُفتهم وهما جايين يسكنوا هنا قبل شهر رمضان اللي فات بحوالي شهرين، هما الاتنين من بني سويف، وكل واحد فيهم معاه طفلين من زواج سابق، كانوا في حالهم، ولا بنسمع لهم حس»، لم تكن هناك مقدمات واضحة تُنذر بما هو آتٍ.
لكن بعد إجازة العيد استيقظ سكان الحي على خبر صادم: «ياسر قتل مراته».. «آخر مرة شُفته كان وأنا بركن العربية مع واحد صاحبى، وبعدها بيومين عرفنا إنه ضرب مراته بطوبة على دماغها كذا مرة، وخدها بالعربية الملاكي ورماها في الصحراء»، هكذا يحكي «أحمد»، الذي تابع تفاصيل الواقعة من قلب الحى الذي لم يعتد مثل هذه الجرائم، وفق قوله.
«شتمتني.. كسرت دماغها بطوبة»
كانت الجريمة مروّعة، اعترافات المتهم كشفت كيف تشاجر مع زوجته الشابة الثلاثينية داخل الشقة الكائنة داخل الجراج، يقول في تحقيقات النيابة العامة: «هى شتمتنى، مَسكت طوبة وكسّرت بيها دماغها».
لم يتوقف عند الضرب، بل وضع الجثة داخل مرتبة ونقلها بسيارته إلى صحراء زهراء المعادي، حيث ألقاها وهرب، والمنطقة التي ترك فيها الجثمان معروفة بانتشار الكلاب الضالة والذئاب.
اللافت أن القبض على المتهم بدأ من طرف غير متوقع. «لواء على المعاش» كان قد اتصل بـ«ياسر» ليُحضر له السيارة، باعتباره حارسًا للجراج، لكن الهاتف لم يُجب. بعد ساعات، جاء اتصال من رقم غريب: «حارس الجراج يبلغ أن السيارة مركونة في مكان معين، والمفتاح في الداخل، عندما ذهب الرجل لاستلامها، كانت الشرطة قد سبقت الجميع، بعد بلاغ من شقيق زوجة ياسر، الذي تلقى منه اتصالًا مفاجئًا يعترف فيه بالجريمة، لترصد المباحث مكان تواجد المتهم بعد الاتصال الهاتفي وتضبطه عقب تحديد مكان تواجده في محافظة الجيزة»- حسب الموظف المتقاعد.
في اليوم التالى، ضجّ الحى كله بوجود قوات الأمن، فقد عاد «ياسر» إلى المكان ليُعيد تمثيل جريمته أمام النيابة العامة، الجار «أحمد»- يروى المشهد: «كان شكله متغير، مش هو اللى كنا نعرفه، كان باين عليه الذهول، لما جابوه يمثل، وقف تحت العمارة، قدام الجراج، نفس المكان اللى بدأ فيه كل شىء، وحكى اللى حصل بالتفصيل».
«إسماعيل»، مسؤول تأمين عقار مجاور، حضر المشهد من بدايته: «المنطقة كلها كانت متجمعة، هو واقف بيحكى إزاى خنقها بالأول، وبعد كده ضربها بطوبة، وبعدها لف الجثة في مرتبة، وحطها في العربية، اللى سمعناه خلى الناس مصدومة، في ستات كانت بتعيط، ورجالة ماسكة نفسها بالعافية».
النيابة تأمر بحبس المتهم 4 أيام
في لحظة واحدة، تحوّل «ياسر»، الرجل الهادئ في نظر جيرانه، إلى قاتل بدم بارد. «دي جريمة بشعة، مراته كانت حامل، ومعاها طفلين، وهو كمان، ما بينهمش ولاد، بس كان المفروض يبتدوا حياة جديدة، ينسوا اللى فات»، يقول «إسماعيل» الذي يعرف المجنى عليها، بصوت مخنوق.
التحقيقات كشفت أن الجريمة وقعت نتيجة مشادة كلامية، لكن خلف الكلمات غضب متراكم، بعد تمثيل الجريمة تم اقتياد «ياسر» مرة أخرى وسط الحراسة المشددة إلى مقر حبسه الاحتياطي.
ويضيف أحد الشهود قائلًا: «أهل المنطقة ماكنوش مصدقين إن الحارس ده اللى عمل كده، كان شخص هادي ودايمًا بيخدم الناس في الجراج، محدش كان يتخيل إنه ممكن يقتل مراته بالشكل ده».
وفى قرار النيابة العامة، جرى إصدار أمر بحبس المتهم على ذمة التحقيقات، ووجهت له تهمة القتل العمد، وكشفت مصار قضائية أن النيابة ستواصل فحص التحريات المتعلقة بالحادث، بما في ذلك الاستماع لأقوال اللواء المتقاعد الذي أجرى الاتصال الهاتفى مع المتهم.
الحى لم ينسَ، يقول «أحمد»: «كل ما بعدي من تحت العمارة، بفتكر اللي حصل، هو مش أول واحد يقتل مراته، بس لما تكون الجريمة حصلت مع حد بتشوفه، في شارعك، وفى عمارتك، بتحس إنك مشارك، حتى لو من بعيد».