هذه نسبة الوفيات لإجمالي المصابين .. تقرير صادم عن وضع الموجة الثانية من كورونا في مصر
أصدر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية تقريرا عن متابعة آثار جائحة كورونا على قطاع الصحة، وأشار إلى صعوبة وضع تقديرات دقيقة للفترة القادمة، في ظل غموض تطور الفيروس وعدم اليقين بشأن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة سواء فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية أو توافر اللقاح، وأشار التقرير إلى تقديراته في ضوء افتراض عام وهو أن أي إجراء جديد لا تظهر نتائجه بشكل فورى على الإصابات حيث يستغرق الأمر أسبوعين، فحتى إذا توفرت اللقاحات وبكميات مناسبة فليس من السهل عمليا توزيعه خلال فترة التقدير أي يناير وفبراير.
ووضع المركز تقديراته لارتفاع أعداد المصابين وفقا لسيناريوهين: الأول هو السيناريو المتشائم ويفترض تأخر الحكومة في اتخاذ مزيد من الإجراءات الاحترازية وعدم تشديد الالتزام بالإجراءات واستمرار الاستثناءات حتى الأسبوع الثاني من يناير، وهو ما يترتب عليه استمرار معدل التغير في عدد الإصابات على نفس النسبة التي شهدها الأسبوع الأخير من ديسمبر (84%) حتى نهاية فترة التقدير (نهاية فبراير).
والسيناريو الثانى هو الأقل تشاؤما والذى يفترض اتخاذ مزيد من الإجراءات الاحترازية وتطبيق صارم لها وإلغاء الاستثناءات اعتبارا من الأسبوع الثاني من يناير وبالتالي تظهر نتائجها في الأسابيع القادمة، وهو ما يترتب عليه استمرار معدل التغير في عدد الإصابات 84% خلال الأسبوعين الأول والثاني من يناير مع انخفاض نسبه الزيادة إلى النصف في الأسبوعين التاليين ثم إلى الربع في الأسبوعين التاليين ثم إلى 15% حتى نهاية الفترة (نهاية فبراير).
وأكد التقرير أن التأخر في تبنى الإجراءات الاحترازية المشددة والتطبيق الصارم لها يؤدي إلى زيادة مطردة في أعداد المصابين وفرض مزيد من الضغوط غير العادية على المنظومة الصحية وتفاقم العجز في الخدمات الصحية خاصة من الرعاية وأجهزة التنفس الصناعي والأطقم الطبية وبالتالي توقعات بارتفاع عدد الوفيات. وبالرغم من أن معدلات التعافي والوفاة قد تقلل من هذه التقديرات المذكورة في الدراسة إلا أن الفجوات تشير إلى احتياج كبير جدا من كافة الخدمات الطبية فعلي سبيل المثال: نحتاج 11 ضعف الإمكانات الحالية من الرعاية المركزة في السيناريو الأقل تشاؤما وقد تصل إلى 77 ضعف في السيناريو المتشائم.
وفيما يتعلق بتقييم البيانات المنشورة وأوجه التغير على أرض الواقع، تحفظ التقرير على مستوى دقة البيانات الرسمية التي تصدرها وزارة الصحة والسكان حول عدد المصابين والوفيات والتي تجعلها أقل من البيانات الحقيقية، وهو الأمر الذى أقرته وزيرة الصحة حيث صرحت بأن عدد المصابين المعلن عنه يتراوح بين 10 – 15% من إجمالي المصابين في مصر، وهو ما أرجعه التقرير لعدة أسباب منها محدودية إجراءات مسحات الـPCR لارتفاع التكلفة وطول مدة انتظارها، واتجاه غالبية المواطنين للاعتماد على نتائج التحاليل والأشعة والكشف لإثبات إيجابية الحالة أكثر من الاعتماد على المسحة، بالإضافة إلى قيام الأسر بالعزل المنزلى بنفسها أو المتابعة مع طبيب خاص دون إخطار وزارة الصحة، كما أنه وفقا لتقديرات وزارة التعليم العالى والبحث العلمى فإن الأرقام المعلنة من وزارة الصحة تمثل خمس الأرقام الفعلية.
وأكد التقرير أن مصر تواجه وضعا أكثر صعوبة مقارنة بما حدث في الموجة الأولى، حيث تضاعف عدد المصابين والوفيات بشكل غير مسبوق، وارتفعت نسبة الوفيات لإجمالى المصابين في مصر (6%) بمقدار ثلاث أمثال المتوسط العالمى (2%)، وهو ما أرجعه التقرير لعدة أسباب من أهمها سرعة انتشار الفيروس مقارنة بالموجة الأولى وتحول العدوى لإصابات عائلية وليس فردية، وإقامة الانتخابات والاحتفالات والمهرجانات والمباريات وقصر مدة التصالح في مخالفات البناء وتركيب الملصق الإلكترونى، وكلها أمور أدت إلى تجمعات وساعدت على تصدير صورة غير حقيقية للمجتمع عن خطورة الوضع.
وأضاف التقرير أن من بين أسباب صعوبة الوضع الحالي أيضا غياب الإجراءات التي طبقت في الموجة الأولى، ومنها الالتزام بارتداء الكمامات، وتخفيض أعداد العاملين في الجهاز الإداري، وتراخي تطبيق الإجراءات الاحترازية والاستثناءات في الالتزام بقواعد الـ 50% في المولات والمطاعم والكافتيريات على سبيل المثال، بجانب نقص مقدمي الخدمات الصحية نتيجة هجرة الأطباء للخارج والتي تزايدت عقب الموجة الأولى، وقُدر عددهم بنحو 7000 طبيب، ووفاة عدد كبير منهم نتيجة للفيروس قدرته نقابة الأطباء بنحو 276 طبيب و66 ممرضة وعدم توضيح وزارة الصحة عن كيفية التعامل مع هذا العجز.
وتضمنت الأسباب أيضا غياب إجراءات رصد البؤر وتبني إجراءات محاصرة الفيروس خاصة في العشوائيات والمناطق المزدحمة بالرغم من الخرائط التفاعلية التي سبق وأعلنتها وزارة الصحة مما زاد من سرعة انتشار الفيروس؛ لذا لا تزال محافظات القاهرة والجيزة والفيوم والمنيا تشهد أعلى معدل للإصابة.
وشدد التقرير على أنه رغم جدية الإجراءات التي أعلنتها الحكومة مؤخرا للسيطرة على الفيروس والتي وردت في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2701 لسنة 2020 كونها تضمنت بعض العقوبات على المخالفين، إلا أنها سمحت بالاستثناءات بموافقة الوزير المختص علاوة على أنها تزامنت مع شيء من التخبط في التصريحات التي تخص نظام الامتحانات سواء للتعليم قبل الجامعي أو الجامعي، موضحا أنه رغم أهمية هذه القرارات وما أُضيف إليها تباعا، إلا أنها وحدها غير كافية للسيطرة على انتشار الفيروس.
واقترح التقرير مجموعة من الإجراءات اللازمة لمواجهة الأزمة من خلال مستويين، الأول هو مستوى الإجراءات الاحترازية، ويتضمن الآتى:
- التعجيل بمزيد من الإجراءات الاحترازية والتي سبق تطبيق عدد كبير منها في الموجة الأولي والبدء بالتزام صارم لكافة وحدات الجهاز الإداري للدولة - خاصة تلك التي تتعامل مع الجمهور - بهذه الإجراءات وإلغاء الاستثناءات مع ضرورة تبسيط الإجراءات الحكومية وتقصير مدة الحصول على الخدمة، مما يعمل على تغيير الصورة التي تُصدر للمجتمع لتعكس خطورة الموقف خاصة وأن سلوكيات المجتمع تستند إلى هذه الصورة.
- التوسع في تبني حلول غير تقليدية منها على سبيل المثال تقديم الخدمات الخاصة بالتشخيص والأشعة والعلاج عبر قوافل طبية متنقلة، تدريب الأطباء البيطريين على كيفية التعامل حال تم الاحتياج إليهم سواء في المواجهة أو التطعيم والمتابعة؛ حيث إنهم الأقرب للأطباء البشريين.
- وضع ضوابط لتكاليف تقديم الخدمة الصحية للقطاع الخاص والتي أصبح غالبيتها مغالا فيه.
وتضمنت الاقتراحات على مستوى إدارة الأزمة الإجراءات التالية:
- تتطلب المرحلة تخطيط استراتيجي استباقي تشاركي قادر على تقدير التوقعات القادمة وسيناريوهات التعامل.
- عدم وجود دور واضح لجهات البحث العلمي ولنقابتي الأطباء والصيادلة في إدارة الأزمة أمر غير منطقي حيث إنهم شركاء رئيسيون.
- ما زال هناك احتياج شديد لإشراك المجتمع المدني والبرلمان في لجان إدارة الأزمة خاصة على مستوى المحافظات ومن المجالات التي يمكن إشراكهم فيها تطوير الوحدات الصحية ورفع كفاءتها مما يخفف الضغط على المستشفيات المركزية أو المساعدة في توزيع اللقاح في حالة وجوده.
- تحسين كفاءة الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في كافة المجالات ومنها على سبيل المثال الاستفادة من الخرائط التفاعلية التي أعلنت عنها وزارة الصحة في تحديد الفئات التي لها الأولوية في التطعيم وكذلك تحليل البيانات الخاصة بالإصابات والوفيات. الأمر الذي نجحت الدول الآسيوية في الاستفادة منه للحد الذي مكنها من السيطرة على الفيروس.
- يفترض ما تم الإعلان عنه من تحديد مراكز توزيع اللقاح مستقبلا حين توافره في المحافظات أن يكون تم بالفعل اختيار اللقاح المناسب وفقا للجودة بالأساس وأن يكون هناك خطة متكاملة تضمن توزيعه في نفس الوقت على جميع أنحاء الجمهورية وبجدول زمني واضح لترتيب الأولويات وآلية واضحة للمتابعة وتقييم النتائج.