الإفتاء تحسم الجدل.. حكم تجسس الخطيب على خطيبته
«يعتري الخاطب حالة من الغيرة الزائدة والشك المفرط وقلة الثقة في المخطوبة دون مبرر حقيقي لذلك، مما يدفعه إلى التجسس على مكالماتها الهاتفية، أو التفتيش في مراسلاتها ومحادثاتها الإلكترونية، وأجهزة الاتصال الخاصة بها، وفي غالب الأحوال يترتب على مثل هذا السلوك فشل الخطبة وعدم إتمام الزواج. فما حكم الدين في ذلك؟».
سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم تجسس الخطيب على خطيبته، وفي الفتوى التي حملت رقم 4293، أوضحت الإفتاء المصرية الحكم في ذلك.
وجاءت الفتوى أن الأصل في مرحلة الخطبة أن تكون بعد التأني في اختيار المرأة المناسبة لتكون زوجة في المستقبل، فالخاطب إنما يقدم على الخطبة بعد أن يغلب على ظنه صلاح هذه المرأة واستقرار حسن المعاملة فيما بينهما بعد الزواج، فالخِطبة مبنية على الثقة في المخطوبة وحسن الظن بها، ولا تسير مرحلة الخطبة على نسق صحيح إلا بتخلق كلا الخطيبين ابتداء بالثقة التامة في بعضهما البعض.
وتكدير العلاقة بين الخطيبين بسوء الظن وتتبع العورات واختلال الثقة بينهما يتنافى مع الحكمة والقيمة الأخلاقية والاجتماعية التي قصدها الشرع الشريف في تشريع الخطبة.
والممارسات الواردة في السؤال تعد سلوكا عدوانيا سيئا من الخاطب، لأن فيها اعتداءً على حق مخطوبته، وانتهاكًا لحرمتها وحرمة من يتواصل معها تواصلًا مشروعًا، كزملائها في العمل، أو بعض أقاربها ومعارفها، وهي أمور محرمة شرعًا، لاشتمالها على عدد من المنهيات والمحظورات الشرعية والقانونية المقررة لصيانة شئون الناس وأحوالهم وأسرارهم، استشهادًا بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾.
وحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التجسس وسوء الظن وما يكدر العلاقة الطيبة بين الناس ويجلب الكراهية والبغضاء، والأحاديث في ذلك كثيرة؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا» رواه البخاري.
فلا يجوز للخاطب التجسس على مخطوبته، ولا تتبُّع عثراتها، فذلك حرامٌ شرعًا يأثم فاعله، بل ينبغي عليهما إحسان الظن في بعضهما، والتعاون على البر والتقوى، ومَن ثارت في نفسه شكوكٌ تجاه الآخر منهما فعليه مصارحته بذلك بقصد التفهم والإصلاح والنصح ليكون ذلك أحرى أن يؤدم بينهما إذا يَسَّرَ اللهُ لهما إتمامَ الزواج.