ابنها رماها في الشارع وماتت صائمة.. اللحظات الأخيرة في حياة سيدة القطار
"خد بأيدي يا ابني"، تلك الجملة التي قالتها السيدة سمرة الراوي "سيدة القطار"، والتي جذبت الجميع لها خلال أول مقطع فيديو تم انتشاره من داخل قطار ١٥٧ المميز الذي أخذ نصيب الأسد بالتدمير والضحايا والمُصابين بحادث قطاري قرية الصوامعة غرب بمركز طهطا شمالي محافظة سوهاج منذ شهر مضى.
عربات القطار مُلقاه على جانبها أعلى شريط السكة الحديد والمواطنين يتوافدون بالمئات من جميع المراكز لمُساعدة رجال الحماية المدنية والشرطة في إنقاذ أكبر قدر ممكن من الأرواح، لتُنقذ العناية الإلهية هذه السيدة الخمسينية التي ألقى بها نجلها إلى الشارع.
ويتحدث عنها الإعلام مُشبهها بالشخصية التي جسدتها الفنانة القديرة كريمة مختار بفيلم ساعة ونص، "انا مش عاوزه ارجع لابني بعد ما رماني انا اعيش في نار الشارع ولا أعيش في جنة بيته".
ولدت سمرة الراوي بنجع حمادي بمحافظة قنا أقصى جنوب الصعيد، لم تلتحق بالمدارس كأكثرية أبناء جيلها من نفايات الصعيد، تزوجت وأنجبت ثلاثة أبناء رجلان وفتاة، تزوج نجلها الأصغر بصحبتها بذات المنزل وسافر ابنها الأكبر إلى القاهرة من أجل المعيشة، وتزوجت ابنتها الوحيدة وتركتها ذاهبة الى منزل زوجها.
نفر من قضاء الله إلى قضاء الله أيضًا فلا مفر منه إلى له، حيث كانت إرادة الله أن تُفارق سيدة القطار هذه الحياة التي ابرحتها وجعًا وألمًا، مُتأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المُستجد.
"عاوزه اشوف بنتي واحفادي.. هاتولي بنتي وأحفادي"، تلك الكلمات الأخيرة التي لفظتها السيدة ذات الشعر الأبيض الذي كان يُزين وجهها الذي تشقق من كثرة الهم والأوجاع وليس من كِبر السن، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة مُتأثرة بفيروس كورونا الذي أصابها عقب دخولها دار المسنين بمنطقة المخبز الآلي بسوهاج، والذي تم غلقه عقب ذلك وتسليم من فيه إلى ذويهم.
ظل يتسلل الفيروس إلى الرئتين حتى جعلها لا تتنفس إلا باستخدام ماسك الأكسجين، لكنها كانت مريضة ضغط وسكر ما أضعف مناعتها وجعلها تستسلم للفراش، ورغم ذلك لم تقبل أن تُفطر بشهر رمضان الكريم وأصرت على صيام يوم أمس لتموت صائمة قبيل أذان المغرب دون أن ترى نجلتها واحفادها التي كانت ستُجن حتى تراهم لكن إرادة الله نافذة.