ما حكم استخدام المرأة لـ«اللولب» كوسيلة لمنع الحمل؟.. الإفتاء تجيب
بعدة وسائل تسخدم السيدات «موانع الحمل»، بهدف تنظيم الأسرة أو تأجيل «الخلفة»، أو وجود خطر على حياتها حال حملها، حيث تتسأئل غالبية النساء عن استخدام اللولب، وهل يؤثر على «الطهرة والغسل والوضوء».
ومن خلال هذا التقرير ترصد «هن»، حكم الدين في استخدام اللولب لمنع الحمل، وهل يؤثر تركيبه على الوضوء أو الاغتسال والطهارة، وفق لما ورد فى عدد من المذاهب الفقهية ومنها: «المالكية والحنفية» الصادرة عن دار الإفتاء المصرية بنحو:
ما حكم الدين في استخدام اللولب لمنع الحمل؟
يجوزُ للمرأة استعمال وسيلة لمنع حملها، ومنع الحمل له أغراض متعددة: فقد يكون للخوف على المرأة من الولادة وخطر الطلق؛ وقد يكون للحرج من كثرة الأولاد؛ وقد يكون للاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب؛ وقد يكون لاستبقاء جمال المرأة وسَمْتها لدوام التمتع، إلى غير ذلك من الأغراض والنيات الباعثة على منع الحمل، وهي أغراض لم ينهَ الشرع عنها كما يقول حجة الإسلام الغزالي في «إحياء علوم الدين» (2/ 52 ط. دار المعرفة).
وهذه الأغراض ليست أمورًا تحسينية محضة، بل منها ما هو تحسينيٌّ في أصله حاجيٌّ في مآله، وهو ما يُعبِّر عنه الأصوليون بـ«مُكَمِّل الحاجي»، وهو ما لا يستقل حاجيًّا بنفسه، بل بطريق الانضمام فيكون في حكم الحاجي؛ كمحافظة المرأة على جمالها في قوام جسمها وعدم ترهله الذي تتوصل به إلى إعفافها وإحصانها بالنكاح، ومنها ما هو حاجي محض؛ كالحرج من كثرة الولد مع الضعف أو القعود عن القيام بأمورهم، ومنها ما هو ضروري؛ كالخوف على حياة المرأة من خطر الولادة بإخبار الطبيب المعتمد.
وحينئذٍ فاستعمال وسائل منع الحمل ومنها هذه اللصقة هو من باب التَّطَبُّب الذي يُرفَع فيه الحرجُ عن المكلَّفين، فيكون لهذه اللصقة حينئذٍ حكمُ الجبيرة في جواز المسح عليها إذا أمكن ذلك، وفي جواز ترك المسح عليها إذا كان الماء يضر بها أو يؤخر بُرْءَ ما تحتها.
ومن المقرر في الفقه أنه لا يشترط في الجبيرة التي يُشرَع المسحُ عليها أن تكون في الأمر الضروري الذي يُخشَى فيه الهلاكُ أو مقاربتُه، بل تكون أيضًا في الحاجيات التي يحصل بتركها العنت على المكلفين.
ونصَّ المالكية أيضًا على جواز المسح على الجبيرة في المرض الخفيف، بل وعلى المسح على العمامة إذا كانت زيًّا لأرباب المناصب وخيف من نزعها، ولا شك أنَّ الترخص للمرأة بالمسح على هذه اللصقة المستخدَمة لمنع الحمل أولى بالمشروعية من ذلك؛ لأن حاجتها إلى الرخصة حينئذٍ أشد مما ذُكِر.
كما أجاز الإمام أبو حنيفة في رواية عنه والمالكية في قول عندهم المسحَ على الخاتم مع عدم وصول الماء إلى ما تحته؛ قياسًا له على الخف الذي جاز المسح عليه لطول لبسه.
قال صاحب «الفتاوى الهندية»: وفي «الجامع الصغير»: سُئِلَ أبو القاسم عن وافر الظُّفر الذي يبقى في أظفاره الدَّرَنُ، أو الذي يعمل عمل الطين، أو المرأة التي صبغت إصبعها بالحناء، أو الصرام، أو الصَّبَّاغ، مضيفا: «كلُّ ذلك سواءٌ؛ يجزيهم وضوؤهم؛ إذ لا يُستطاعُ الامتناعُ عنه إلا بحرج، والفتوى على الجواز من غير فصلٍ بين المدني والقروي، كذا في (الذخيرة)، وكذا الخَبَّازُ إذا كان وافر الأظفار، كذا في (الزاهدي) ناقلًا عن (الجامع الأصغر)» اهـ.
فإن أمكن المرأةَ استعمالُ غيرها من الوسائل فاستعمال هذه الوسيلة في حقها جائز أيضًا؛ لأنها تخلو من الأضرار التي قد تصيبها مِن جَرَّاء استعمالها لبقية الوسائل الأخرى، ورفعُ الضرر مقصدٌ شرعي يُتَرَخَّصُ مِن أجله في الطهارة، ثم إن استعمال هذه الوسيلة أيسر للمرأة وأكثر أمنًا لها وأقل كلفة عليها، وتلمس هذه المواصفات في التطبب والعلاج هي من مكملاته التي تحقق مقصوده.
ومن المقرر في قواعد الفقه أن «الإذنَ في الشيءِ إذنٌ في مُكَمِّلاتِ مَقْصودِه»، كما يقول الإمام أبو الفتح ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (479 ط. مؤسسة الرسالة).
وبناءً على ذلك: فإنه يجزئ حينئذٍ مسحُ لصقة منع الحمل بالماء إن أمكن؛ إلحاقًا لها بالجبيرة، فإن لم يتيسر ذلك وأرادت المرأةُ التحرُّزَ مِن عدم وصول الماء إلى اللصقة نفسها فيمكنها أن تضع عليها شيئًا يحول بينها وبين الماء وتمسح عليه، ويكون ذلك مجزئًا لها في غسلها وطهارتها.
هذا كله إذا كانت اللصقةُ مُصْمَتةً لا تُنفِذُ الماء لِمَا تحتها، أو ذاتَ مَسَامٍّ ولكن غسلها يلغي فاعلية ما فيها من الدواء.
أما إذا كانت ذاتَ مَسَام تتشرب الماء من غير أن يكون ذلك مُلْغِيًا لفاعلية الدواء، فلا إشكال في جوازها؛ لأنها إذا غُسِلَتْ وتشربت الماء كان ذلك غسلًا لِمَا تحتها.