سيناريوهات ما بعد سقوط كابول..دراسة تكشف تفاصيل الأوضاع بعد حكم طالبان
على الرغم من توقع الكثير من الجهات الدولية سقوط الحكومة الأفغانية، التي كانت تعاني مشكلات كثيرة لم يتم علاجها، بداية من الفساد، وعدم الانتظام في دفع رواتب الجنود، وتسرب الجنود من الجيش؛ إلا أن الانهيار السريع لهذه القوات وسيطرة طالبان على العاصمة كابول أثار حالة من الذهول في مختلف أنحاء العالم، لا سيما وان طالبان سوف تصبح القوة السياسية الرئيسية في أفغانستان، وهذا يغير المشهد الجيوسياسي في المنطقة. وهذا سيكون له اثار بعيدة على التوازنات الإقليمية، وستصبح الدول مجبرة على التعامل مع الوضع التي سيظهر الى حيز الوجود بغض النظر عما إذا كان مرغوب فيه أم لا.
كشفت دراسة للمركز الفرنسي للدراسات الاستراتيجية أنه على الرغم من فساد واستبداد النظام الافغاني الا أن بديل سقوطه هو نظام أكثر استبدادا وتشدد بشكل مرعب. فطالبان وان أبدت في خطاباتها لغة لينة اقل تشددا، الا انها ما تزال تناصب الغرب والولايات المتحدة العداء، وستظل تمارس القمع على الشعب الافغاني، كما ستشكل تهديدا لجيرانها، ولدول أخرى. فهناك تخوف واسع لدى العديد من الدول، لا سيما الاوربية من عودة الجماعات المسلحة الى سابق عهدها، فوصول طالبان للسلطة هو بمثابة دفعة معنوية للتنظيمات المسلحة الجهادية بمناطق مختلفة من العالم وخصوصا الشرق الأوسط بعد أن سلبت منها روح القتال بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا.
وتابعت الدراسة أن طالبان ليست تنظيما سياسيا فكريا يتبع الاسلام كمنهج في الحكم، ولكنه تنظيم وصولي، يوظف الدين في خدمة مصالح فئوية وحزبية، وهي ليست تنظيما ديمقراطيا ولا يسمح فيه لأي خروج عن كلمة الأمير، ويتبع منهج الولاء والبراء ولا يقبل أي معارضة أو مراجعة، وسيطرة طالبان على افغانستان كانت بالقوة والسلاح وليست خيارا شعبيا لكل الافغان.
ولفتت الدراسة أنه بعد أن أصبحت طالبان واقعيا في الحكم، ما زالت العديد من الدول لم تحسم أمرها حول بلورة شكل علاقاتها مع طالبان، لا سيما وأن بعض هذه الدول سيكون لها تأثير كبير على شكل المنح لأفغانستان، ويمكن أن تفرض عقوبة قاسية او حتى شروط جديدة على المساعدات الضرورية لإعادة إعمار هذا البلد المدمر جراء الحرب.
وأوضحت الدراسة أنه بنفس الوقت ترى بعض الدول مثل الصين أول دولة تعلن رغبتها في إقامة "علاقات ودية" مع طالبان، إذ أن العلاقة ستجنب بلادهم انتشار موجة جديدة من الإرهاب. وقد زار فد من طالبان الصين في 28 يوليو الماضي، حيث أكد الوفد لبكين أن أفغانستان لن تكون قاعدة لشن هجمات ضد الصين، إذ تمتد الحدود المشتركة بطول 76 كيلومترًا، وهي عبارة عن مرتفعات شاهقة لا تتخللها أي معابر حدودية. وينبع مصدر قلق بكين من امتداد الحدود بمحاذاة منطقة شينجيانج ذات الاغلبية المسلمة، وتتخوف الصين من استخدام الانفصاليين الأويجور أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات. وتعهّد المسؤولون الصينيون بدورهم بعدم التدخل في الشؤون الأفغانية.
وكشفت الدراسة أنه يبدو أن طالبان الجديدة تختلف عن تلك ما قبل عام 2001، فهي بدأت حكمها بمؤتمر صحفي وجهت فيه رسالة الى الدول المجاورة والعالم، وقال فيه "لا تريد تكرار الحرب والقتال ولا تريد بناء عداوات لا في الداخل ولا في الخارج وتُطمئن كل العالم والولايات المتحدة أن أفغانستان لن تكون منطلقا لأي أعمال إرهابية. كما وأعلنت عفوًا عاما عن كل الموظفين والجنود الذين كانوا في النظام السابق وطمأنتهم على مصيرهم.
وأكدت أنه واقعيا طالبان أمامها تحديات كبيرة حقيقية، فهي أمام معضلة توفير الأموال اللازمة لتبيه احتياجات أربعين مليون أفغاني ولإدارة الدولة وتدوير الموارد، فهي أيضا ما زالت لم تحدد شكل النظام السياسي الجديد الذي سيحكم أفغانستان، هل هي الشريعة الإسلامية، أم جمهورية، أم ديمقراطية ومجلس شورى ونواب... الخ.
ولفتت أن فهي بحاجة الى جاهز مدني بيروقراطي، وخبراء في معظم القطاعات، الحركة انتقلت فجأة من الخنادق الى الدولة، وليس لديها الكفاءات القادرة على التعامل مع مثل هذه الأعباء، الاعتقاد السائد في هذا السيناريو أن تخفف الحركة من حدة تشددها اتجاه التشاركية مع فئات المجتمع المختلفة، والمعارضين، من أجل إدارة الدولة الجديدة، لا سيما في ظل المتغيرات الجديدة، وخطابها الجديد، حيث أن العالم لن يصمت نهائيا عن أي تهديدات تكون ورائها حركة طالبان مرة ثانية، تهدد فيها العالم.