أسرار وخطط لم تكتمل.. الكشف عن أوراق سرية بخط يد بن لادن للمرة الأولى
عاد زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وتفاصيل مخططاته للواجهة مجددًا رغم مرور 10 أعوام على مقتله؛ بعدما نشرت صحيفتا «تليجراف» و«صنداي تايمز» عرضًا لكتاب، حمل عنوان «أوراق بن لادن.. كيف كشفت غارة أبوت آباد الحقيقة حول القاعدة وزعيمها وحياته العائلية»، للمؤلفة نيللي لحود.
والكتاب مستند إلى عن 470 ألف ملف رقمي إضافي، رفعت عنها وكالة المخابرات الأمريكية المركزية السرية في نوفمبر 2017، بما في ذلك ملفات صوتية وصور ومقاطع فيديو ونصوص مكتوبة بخط اليد، وفقًا لـ«تليجراف».
وتصفحت «لحود» بمساعدة باحثين أكثر من 96 ألف من هذه الملفات، بما في ذلك ما يقرب من 6 آلاف صفحة من النصوص العربية التي تشكل سِجلًا لاتصالات «القاعدة» الداخلية بين عامي 2000 و2011، وأمضت 3 سنوات في تحليلها.
وتتكون هذه الوثائق من مذكرات بن لادن ومراسلاته مع شركائه، ورسائل كتبها أفراد من عائلته، ومذكرة مكتوبة بخط اليد من 220 صفحة تحتوي على نصوص المناقشات داخل المُجمّع بين أفراد عائلة بن لادن المباشرة، خلال الشهرين الأخيرين من حياته.
ويتضمن الكتاب، الذي وضعته المؤلفة بعد اطلاعها على ما حملته القوة الأمريكية، التي أغارت على منزل أسامة بن لادن في باكستان وقتلته من أقراص صلبة لأجهزة كمبيوتر، تفاصيل كثيرة عن أيام بن لادن الأخيرة، لم تكن تنكشف لولا 18 دقيقة إضافية منحت للقوة الخاصة التي قتلته، إذ لم يكن ممكنًا التعرف إلى هذا الكم من المعلومات لولا إضافة هذا الوقت إلى المهمة التي كان محددا لها أن تتم في 30 دقيقة، وبعدما أبلغت القوة قيادتها في أمريكا أن المستهدف قُتل، ذكروا أن هناك كمية كبيرة من الأجهزة، كمبيوترات وغيرها، في الطابق الثاني، وقررت القيادة أن هذا كم معلومات لا يمكن تركه، وأمهلت القوة مدة إضافية لتجمع كل تلك المواد وتعود بها من البيت السري لبن لادن في أبوت آباد.
مخططات لم تكتمل.. «بن لادن كان يخطط لخنق إمدادات أمريكا النفطية»
وتوضح الكاتبة أن المراسلات المكتوبة بخط يد بن لادن، كشفت أن ثمة مخططات لم تكتمل؛ إذ كان يخطط قبيل مقتله لشن هجوم منسّق على ناقلات عملاقة تحمل النفط إلى الولايات المتحدة عندما قتل عام 2011.
كما أضافت أن زعيم القاعدة بدأ التخطيط منذ عام 2004، بلا كلل لإعادة بناء منظمته، وقبيل وفاته كان يعدّ العدة لشنّ هجوم منسق على ناقلات عملاقة تحمل النفط إلى الولايات المتحدة، آملًا بخنق ثلث إمدادات النفط الأمريكية، مما ينتج عنه انهيار اقتصادي واحتجاجات عامة من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
«بخط يد بن لادن».. من أين تولدت فكرة استهداف برج التجارة العالمي
وتضيف الكاتبة أن من بين ما كشفت عنه، ملاحظة كتبها بن لادن، بخط يده على ورقة ممزقة من دفتر ملاحظات حلزوني، بعنوان «ولادة فكرة 11 سبتمبر»، توضح كيف تولدت فكرة استهداف برج التجارة العالمي؛ إذ حصل على فكرة 11 سبتمبر من حادثة مصر للطيران التي وقعت عام 1999 عندما حطّم الطيار عمدًا رحلة مصر للطيران رقم 990 من نيويورك إلى القاهرة قبالة ساحل نيو إنجلاند، مما أسفر عن مقتل 217 شخصا، في 31 أكتوبر 1999 فأعجبته الفكرة، متسائلا: «لماذا لم يصطدم ببرج مالي؟ إلى أن توصل بعدها إلى خطة لتوجيه الطائرات نحو رموز القوة الأمريكية، بينها المركز المالي في نيويورك، ومبنى البنتاغون، ومبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة»، وذلك وفقًا لاستنتاج الكاتبة.
غموض يحيط بـ«مهندس الهجمات»
إذن وفقًا للكتاب، دوًن بن لادن في ملاحظته أن تلك الطريقة طورت فكرة هجوم 11 سبتمبر في رأسه، مشيرًا إلى التوقيت الذي بدأ فيه التخطيط، لكنها تؤكد أن الورقة ذاتها لم يرد بها أي ذكر لخالد شيخ محمد، رغم أن تقرير لجنة 11 سبتمبر أطلق عليه اسم «مهندس الهجمات».
وتضيف الكاتبة نيللي لحود، أنه رغم افتراض معظم لجنة الـ11 من سبتمبر، أن زعيم طالبان الملا عمر لم يكن يعلم بالأحداث مقدما، إلا أن الملاحظات التي كتبها بن لادن في هذه الورقة توضح أنه تم التشاور مع الجماعات الأخرى، بما في ذلك طالبان، لافتة إلى أن اغتيال القاعدة لأحمد شاه مسعود- أحد أعداء طالبان- عشية الحادي عشر من سبتمبر لم يكن مصادفة، وإنما مقابل موافقة الملا عمر على الهجوم على أمريكا، على حد استنتاجها.
غارة أبوت آباد.. كواليس عملية اغتيال بن لادن
وحول كواليس عملية اغتيال بن لادن، لفتت لحود في كتابها، إلى أن الأوراق التي استولت عليها وكالة المخابرات المركزية، أظهرت أن فريقًا من القوات البحرية الأمريكية اكتشف في الساعات الأولى من صباح يوم الثاني من مايو 2011 مكان أسامة بن لادن زعيم القاعدة، ومهندس هجمات الـ 11 من سبتمبر؛ فنفّذ غارة على مجمع محلي في بلدة أبوت آباد الباكستانية، موضحة أنه مع اقتراب الموعد النهائي للعملية الذي وضع بـ 30 دقيقة، طلب الفريق الأمني مزيدا من الوقت على الأرض بعدما وجدوا طنًا كاملًا من أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية في الطابق الثاني فمنحوا الإذن، وخلال الـ 18 دقيقة استعادوا أكثر من 470 ألف ملف، بما في ذلك ما يقرب من 6 آلاف صفحة عربية من البيانات الداخلية للقاعدة التي لم تكن مخصصة للظهور إلى العلن.
وحول شكل الحياة التي عاشها بن لادن في آبوت آباد قال لحود إن بن لادن، كتب: «نخبز خبزنا بأنفسنا، ونشتري الحبوب بكميات كبيرة، لدينا تسوق منتظم من الفاكهة والخضراوات».
وتقول المؤلفة إن تنظيم «القاعدة» ليس مسؤولًا عن هجمات مدريد في 2004 ولا تفجيرات القطارات في لندن في 2005، لأنها لم تعثر على شيء في الملفات يشير إلى تلك الأحداث. كما أن التنظيم في ذلك الوقت كان في وضع بائس ويفتقر إلى الأموال بشدة.
كما يبرّئ الكتاب الاستخبارات العسكرية الباكستانية من أنها كانت على علم بوجود بن لادن في أبوت آباد، على الرغم من أن المؤلفة تشير إلى بعض الوثائق التي من بينها رسائل من بن لادن للاستخبارات العسكرية الباكستانية.
يشار إلى أن القوات الخاصة الأمريكية عندما هاجمت مجمع أبوت آباد الذي بني في عام 2005، اكتشفوا اثنتين من زوجات بن لادن والعديد من الأطفال والأحفاد.
وكانوا يحتفظون بماعز ودجاج وبقرة، ويعتمدون بشكل رئيسي على حراس الأمن المؤيدين لهم من الباكستانيين المحليين من أجل شراء احتياجات أساسية أخرى.
ولد بن لادن في عام 1957 في السعودية لأسرة ثرية؛ إذ كان والده قطبًا ثريًا في مجال البناء، واشتهرت شركته بالقصور الفخمة، وترميم الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة. نشأ في بيئة مريحة لا ينقصه شيء، وأصبح شابًا متزنًا يهوى المشاركة في القضايا السياسية في جميع أنحاء العالم الإسلامي. ومن مآثره المتطرفة المبكرة، القتال في أفغانستان في الثمانينيات والمساعدة في تمويل والتنسيق بين المتطرفين الذين حاربوا الاحتلال السوفياتي لذلك البلد. ولقد أظهر أنه تعلم بعضًا من ريادة الأعمال والإدارة من الشركة العائلية. وعلى الرغم من أن مراسلات بن لادن تشير إلى أنه كان على دراية جيدة بالتاريخ الإسلامي، ولا سيما الحملات العسكرية للنبي محمد في القرن السابع، فلم يكن لديه سوى فهم روتيني للعلاقات الدولية الحديثة. وفقًا لـ«اندبندنت عربية»
يذكر أنه لم يتضح من التقرير إلى أين ذهب بن لادن بعد فراره من كهوف تورا بورا في أفغانستان أواخر عام 2001، بل يشتبه بأنه توجّه إلى شمال وزيرستان أو في المناطق القبلية الخارجة عن القانون في باكستان، وبعد ذلك في أبوت آباد إلى أن قتل هُناك عام 2011.