من كسر باب شقة لوفاة بهبوط حاد في الدورة الدموية.. القصة الكاملة لاختفاء أيمن هدهود
مازالت وفاة أيمن هدهود، الباحث الاقتصادي، تتصدر محركات البحث، وكشفت النيابة العامة عن نتائج التحقيقات التي تجري في الواقعة، وأعلنت التفاصيل وتقرير الصفة التشريحية الخاص بـ«هدهود»، فيما أصدرت وزارة الداخلية بيانا نفت فيها أن يكون هناك اختفاء قسريا لـ«أيمن»، وأنه ضبط بسبب قيامه بأفعال غريبة ومحاولته كسر باب شقة في منطقة الزمالك، وتم إيداعه مستشفي الأمراض النفسية والعصبية، وأصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان بيانا حول القضية التي مازالت رهن تحقيق بحوزته النيابة العامة.
ونرصد التفاصيل الكاملة لقصة اختفاء أيمن هدهود، والتي أعلنت عنه أسرته من إلقاء القبض عليه، حيث تصدر هدهود «تريند فيسبوك»، وأشارت بعض الصفحات إلى اختفائه قسريا، وهو ما نفته الداخلية في بيان لها.
بداية الواقعة
في 6 من شهر فبراير الماضي، عندما تم إيداع الباحث الاقتصادي أيمن هدهود في مستشفى أمراض نفسية بدعوى عدم اتزانه ومحاولته اقتحام شقة بأحد العقارات بمنطقة الزمالك، في الوقت الذي حاولت فيه بعض الجهات تسريب شائعات عن غيابه، وعلى الرغم من شائعات غيابه بشكل قسري إلا أنه بحسب ما نشرت الصفحات الخاصة لجماعة الإخوان وغيرها من المواقع والشخصيات الحقوقية في مصر فقد أكد شقيقه أنه في الخامس من فبراير الماضي، وبعد 3 أيام، وتحديدا في الثامن من فبراير تلقوا اتصالا من شخصية أمنية بوجود شقيقه في مقر أمن الدولة بقسم الأميرية.
شقيق هدهود
شقيقه قال إنهم تلقوا اتصالا في مارس الماضي يفيد بوجوده في مستشفى العباسية للأمراض النفسية، وبعد محاولات البلبلة التي نشرتها جماعة الإخوان وبعض الحقوقيين نفت وزارة الداخلية على لسان مصدر أمني اختفاء هدهود قسريًا لديها، واصفة اتهامها بالتسبب في إخفائه بأنها شائعات روجتها «صفحات إخوانية» على مواقع التواصل الاجتماعي.
بيان الداخلية
وقالت وزارة الداخلية، في بيان لها أصدرته الأحد، إنه بتاريخ 6 فبراير الماضي تبلغ من حارس أحد العقارات بمنطقة الزمالك بالقاهرة بتواجد هدهود داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق، وإتيانه بتصرفات غير مسؤولة.
وأضافت في بيانها: «تم اتخاذ الإجراءات القانونية في حينه، وإيداع الباحث الاقتصادي في أحد مستشفيات الأمراض النفسية بناءً على قرار النيابة العامة».
تعليق القومي لحقوق الإنسان
طالبت السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بضرورة شمول تحقيقات النيابة العامة لكل ما أثير حول ادعاء تعرض الباحث أيمن هدهود للاختفاء القسري قبل وفاته، وفي هذا الإطار، أعلنت خطاب أن المجلس قد اطلع على بيان وزارة الداخلية، وفي انتظار نتائج تحقيقات النيابة العامة في ضوء تقرير تشريح الجثمان لاستبيان حقيقة الأسباب التي أدت للوفاة والتحقق مما إذا كان شبهة جنائية. وصرحت بأن المجلس يتابع عن كثب كل ما يتعلق بقضايا الحبس الاحتياطي والشكاوى الواردة بشأن دعاوي الاختفاء القسري، ويفتح أبوابه لتلقي أي شكاوى متعلقة بأي انتهاكات ويتواصل على الفور بشأنها مع الجهات المعنية وأصحاب الشكاوى.
وفي سياق مواز أكدت مشيرة خطاب أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يقوم بالتنسيق والتواصل مع النيابة العامة ووزارة الداخلية بشأن جميع دعاوي الاختفاء القسري التي تلقتها منظومة الشكاوى منذ تشكيل المجلس الجديد، والبالغ عددها 19، فضلا عن جميع الشكاوى المتعلقة بادعاءات تجاوز مدد الحبس الاحتياطي أو إساءة المعاملة سواء في فترات الحبس الاحتياطي أو قضاء العقوبة.
واختتمت خطاب تصريحاتها بالتأكيد على أن المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي جاء وفقا لآلية ديمقراطية ويتمتع بالاستقلالية الكافية، لديه أجندة عمل واضحة بما يضمن الارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان، ويولي المجلس القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية السياسية والحريات العامة وإصلاح النظم العقابية أهمية كبيرة، وأعربت عن ثقتها في تعاون جميع الأجهزة المعنية في هذا الشأن.
تحقيقات النيابة
كشفت تحقيقات النيابة أنها تلقت بلاغًا في 6 من شهر فبراير الماضي من حارس عقار بحي الزمالك بدخول أيمن هدهود إلى العقار الذي يحرسه، ومحاولته فتح إحدى الشقق به، وهذيانه آنذاك بكلمات غير مفهومة، فأمسك به وحضرت الشرطة وألقت القبض عليه، وباشرت النيابة العامة التحقيقات.
استجواب وتشكك في سلامة قواه العقلية
وحاولت استجواب المتهم في ذات اليوم فيما نُسب إليه من اتهام الشروع في السرقة، ولكن تعذَّر استجوابه لترديده كلمات غير مفهومة، وتشككت في سلامة قواه العقلية، فاستصدرت أمرًا من المحكمة المختصة بإيداعه أحد المستشفيات الحكومية لإعداد تقرير عن حالته النفسية، وأودعته النيابة العام بإدارة الطب النفسي الشرعي بالمجلس القومي للصحة النفسية بالقاهرة بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، لإعداد تقرير طبي عقلي عن حالته، ومدى مسؤوليته عن أفعاله وقت ارتكاب الواقعة.
حارس العقار وسيدة الزمالك
واستمعت النيابة العامة لشهادة حارس العقار، مقدم البلاغ، فشهد بضبطه المتهم عقب دلوفه العقار مُسرِعًا، ولما حاول استيقافه سبَّه المتهمُ وقصد إحدى الشقق بالعقار وشرع في فتحها عَنوةً مناديًا على اسم سيدة، فلمَّا حاول ردعه بمعاونة حارس عقار آخر تعدى المتهمُ عليهما بالضرب، وانتابته حالة هياج شديد، وألقى بنفسه أرضًا وأخذ يصيح بكلمات غير مفهومة، فأبلغ الشرطة التي حضرت على الفور وألقت القبض عليه، وقد أيَّد حارسُ العقار المُجاور ذاتَ الرواية في التحقيقات، وقد شهدَ مُجري التحريات بأن تحرياته لم تتبين إذا ما كان قصد المتهم من فعله السرقة من عدمه.
هبوط حادٍّ في الدورة الدموية
وفي 5 من شهر مارس الماضي أُخطرَت النيابة العامة بوفاة المتهم بالمستشفى المُودَع به جرَّاء هبوط حادٍّ في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب، فناظرت النيابة العامة جثمانه وتبين لها خلوه من أي إصابات، كما انتدبت مفتش الصحة لتوقيع الكشف الظاهري على جثمانه فتأكد عدم وجود شبهة جنائية في وفاته.
شقيقا هدهود: لا شبهة جنائية
وأكدت تحريات الشرطة كذلك أنه لا يوجد شبهة جنائية في وفاته، واتخذت النيابة العامة حينها إجراءات النشر والتصوير المتبعة مع المتوفين للوصول إلى ذويهم لتسليهم الجثمان لدفنه، فحضر اثنان من أشقائه- عادل وأبوبكر- وشهدا في التحقيقات بأنهما لا يشتبهان في وفاة شقيقهما جنائيًّا، وأبانا بأن ذات تصرفات المتوفى المضطربة قد تكرر حدوثها منه سلفًا مرتين، الأولى منذ شهرين حين عُثِرَ عليه بالطريق العام بمنطقة السلام يقوم بأفعال مضطربة ويتحدث إلى نفسه، فانتقلا إليه وتسلماه من الأهالي الذين تحفّظوا عليه وقتَئذٍ، والثانية حين افترش الأرض أمام غرفِ نُزلاءِ أحد الفنادق فانتقلا إليه واصطحباه، وأوضحا بأنهما لم يتمكنا من إيداع شقيقهما المستشفى سابقًا لتلقي العلاج اللازم لتكرار هروبه.
النيابة: يعاني من اضطراب بدرجة الوعي
وفي سبيل سعي النيابة العامة للتيقن من سبب وفاة المتهم استمعت لأقوال مدير وحدة الطب الشرعي النفسي، وطبيبة، وممرض بالمستشفى الحكومي الذي كان المتهم مُودَعًا به، فشهدوا بأنه كان يعاني من اضطراب بدرجة الوعي، ودُوار، وعدم اتزان، وارتفاع في درجة حرارته، واشتُبِه في إصابته بفيروس كورونا، فاتخذت معه الإجراءات الطبية المقررة في مثل تلك الحالة، ثم تُوفي خلال نقله لأحد المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج.
الطب الشرعي
وعلى ذلك انتدبت النيابة العامة مصلحة الطب الشرعي لإجراء الصفة التشريحية على جثمان المتهم وقوفًا على سبب وكيفية حدوث وفاته، وعما إذا كان بالوفاة شبهة جنائية من عدمه، وفحص عينات حشوية منه لبيان مدى احتوائها آثار مواد مُخدّرة أو سامَّة قد تكون سببًا في وفاته.
اللجنة ثلاثية: كان يعاني من ضلالات اضطهادية
وفي أعقاب القرار الأخير استمعت النيابة العامة لأقوال عضوَيْن باللجنة الثلاثية المشكلة وفقًا لقرار النيابة العامة بإعداد تقرير بفحص حالته النفسية والعقلية، فشهدا بأن المتهم كان يعاني من اضطراب الفصام، وغير مُهتَدٍ للزمان والمكان والأشخاص، وضعيف التركيز والانتباه، ويعاني من ضلالات اضطهادية، وضلالات عظمة، وكان يتحدث بكلام غير مفهوم تخلله إنكارُه ارتكابَه واقعة الشروع في السرقة محل التحقيق معه، وأنه دلف العقار الذي ألقي القبض عليه فيه بحثًا عن السيدة التي كان ينادي باسمها على حسَبِ أقوال حارس العقار، وأضافت اللجنة أن تدهور حالته النفسية يؤثر في درجة الوعي، ومن الممكن أن ينتهي بالوفاة، وقدَّما تقريرًا مفصلًا بحالته بالأوراق.
استدعاء شقيقه
هذا وتستكمل النيابة العامة إجراءات التحقيق في الواقعة، وقد استدعت شقيق المتهم عمر، لسماع شهادته، والذي رصدت وحدة الرصد بإدارة البيان تصريحات متعددة منسوبة إليه بمواقع التواصل الاجتماعي يدعي خلالها وجودَ شبهةٍ جنائية، ولكنه لم يمتثل لقرارها بالحضور.
شفافية التحقيقات
وبمناسبة التحقيقات في تلك الواقعة فإن النيابة العامة تؤكد مجددًا بأنها تباشر تحقيقاتها بكل شفافية ومصداقية وتعلن- متى كان ذلك مناسبًا- ما تُسفرُ عنه تلك التحقيقات بما لا يؤثر على سلامتها، وهى لذلك تهيب بالكافة إلى عدم الانسياق وراءَ مُروجي الإشاعات، وذوي التوجهات المغرضة، ونوايا أهل الشر الخفية التي تستغلّ بسوءِ قصدٍ حدوثَ بعض الوقائع بمجتمعنا لإحداث الفرقة ونشر الفتن في ربوع وطننا الحبيب المحفوظ دومًا من كل شر وسوء.
دفن أيمن هدهود بعد تشريح جثمانه:
وتسلم ذوو أيمن هدهود جثمانه، وتم تشريحه بناء على أمر قضائي من النيابة العامة، ثم تم تسليم الجثمان لذويه لدفنه واستخرج ذوو هدهود شهادة وفاته والتي أُثبت فيها تاريخ وفاته 5 مارس الماضي، عن عمر يناهز 48 عاما، وأنه توفي بالعباسية (مستشفى الأمراض النفسية).
يذكر أن أيمن هدهود، خبير اقتصادي، كان عضوا بالهيئة العليا لحزب «الإصلاح والتنمية» الذي يترأسه محمد أنور السادات.