وجد جثة ابنته بين الضحايا.. مأساة طبيب بمستشفى فاقوس وحكاية تنبؤ أطفاله بالحادث | شاهد

طبيب الشرقية.. في تتابع للحوادث المريعة مؤخرا، شهدت قرية أكياد التابعة لمركز فاقوس في الشرقية حادث تصادم قطار مع ميكروباص ناحية كوبرى عبد السلام صباح الجمعة، مما أسفر عن مصرع 3 أشخاص وإصابة 9 آخرين.

وكشفت الهيئة العامة لسكك حديد مصر عن تفاصيل وأسباب حادث اصطدام قطار بسيارة أجرة “ميكروباص” في الشرقية، موضحة أنه في أثناء مسير قطار رقم 175 ركاب “أبوكبير/ الصالحية”، صباح الجمعة، في المسافة ما بين فاقوس وأكياد بالكيلو “800/20”، فوجئ قائد القطار بسيارة ميكروباص تحمل رقم (٧٩٤٥/ وه ج)، تعبر السكة من مكان غير شرعي وغير معد للعبور، رغم وجود مزلقان شرعي للعبور بالكيلو (٢١/٦٠٠) وهو مزلقان أكياد وعلى مسافة 800 متر من هذا المكان الغير معد للعبور.

وأوضحت السكة الحديد، في بيان لها، أنه تم إطلاق السارينة أكثر من مرة وحاول قائد القطار الرباط، إلا أن سائق الميكروباص أصر على العبور مما أدى إلى الاصطدام بها، مشيرا إلى وجود إصابات ووفيات، وتم إبلاغ الشرطة والأجهزة المعنية في حينه، كما تم القبض على سائق الميكروباص في أثناء محاولته للهروب.

وأضافت الهيئة القومية لسكك مصر أن الهيئة قامت في وقت سابق بالتنسيق مع المجالس المحلية وشرطة النقل والمواصلات بغلق هذا المعبر أكثر من مرة، وكان آخرها بتاريخ 3/8/2022، إلا أن الأهالى وسائقى المركبات يقومون برفع الحواجز وفتح تلك المعابر الغير قانونية مرة أخرى، ومنها هذا المعبر غيرالشرعي وغير قانوني.

وأهابت السكة الحديد بقائدى المركبات والأهالى باستخدام المعابر الشرعية للعبور، وعدم إقامة أي معابر غير شرعية على خطوطها، وعدم فتح المعابر الغير شرعية عند إغلاقها من الجهات المختصة حتى لا يتسبب ذلك في إزهاق الأرواح وتعريض حياة المواطنين للخطر وتعطيل مسير القطارات.

فقد ابنته وأصيب أبناءه الأربعة

وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي تقديم مساعدات مالية لأسر ضحايا حادث قطار الشرقية، والذي أسفر عن وفاة 3 أشخاص وإصابة 10 آخرين.

وقال وكيل الوزارة في محافظة الشرقية، إن المساعدات المالية المقرر صرفها لأسر الضحايا عبارة عن 50 ألف جنيه لكل أسرة فقدت عائلها، و25 ألف جنيه للأسرة التي فقدت أحد أفرادها، مشيرا إلى أنه سيتم صرف مساعدات للمصابين حسب المدة التي يقضيها المصاب في المستشفى جراء الحادث، وذلك من خلال تقديم خطاب معتمد من المستشفى.

طبيب الشرقية.. لم تكن مفارقات القدر سهلة على طبيب الاستقبال الذي هرع لإسعاف مصابي حادث القطار ليتفاجأ الدكتور علاء عبدالسلام طبيب الطوارئ في مستشفى فاقوس المركزي، حين كان يحمل المصابين بالحادث واحدًا تلو الآخر مؤديًا عمله، بجثة إبنته بين ضحايا قطار الشرقية وإصابة زوجته وأبناءه الأربعة إصابات خطيرة.

وكعادته يقف يوميًا في قسم الاستقبال والطوارئ بـ مستشفى فاقوس المركزي في الشرقية، يترقب وصول حالات طارئة أو ضحايا حوادث ربما يكُن سببًا في إنقاذ أرواحهم، في دور ورسالة هي خلاصة مهنته الطبية، لكن ما جرى ودار صباح اليوم الجمعة، كان صادمًا بكل ما تحمله الكلمة من معني.

استجمع الدكتور علاء عبدالسلام، طبيب الاستقبال والطوارئ في مستشفى فاقوس المركزي، ما تبقى لديه من مشاعر لم تضطرب بعد، وهرع إلى عربات الإسعاف فور وصولها يستكشف حالة المصابين ويوجه بنقل جثامين المتوفين إلى مشرحة المستشفى، لكن ما هي إلا لحظات فرقت ما بين وصول أول عربة وفتح أول باب سيارة ونزول أول جثمان.

“بنتي روان” عبارة رددها عقل الطبيب قبل لسانه؛ حين فوجيء أن بين ضحايا الحادث ابنته التي بالكاد أكملت ربيعها الثامن عشر، ولم يكد يفيق من صدمته حتى سمع أنين زوجته وأبنائهما الأربعة بين مصابين الحادث، وحالتهم الصحية صعبة تستدعي الدخول إلى العمليات لأغلبهم.

سقط طبيب الشرقية مصدومًا وهو لا يزال واقفًا على قدميه من هو الصدمة، لا يجد الكلمات أو تكفي الدموع لوصف مرارة ما يشعر به من حزن وآلام؛ يتذكر الحديث الأخير بينه وبين طفلته، وتختلط في نفسه وذهنه مشاعر الحزن على الراحلة والقلق على زوجته وأبنائهما الأربعة، وبين هذا وذاك دوره كطبيب لم يُعد يجد ما يحمله على الوقوف في وجه الكارثة التي حلت على رأسه، ولا يجد سوى الحديث بعبارة خافتة ربما لم تتجاوز شفتاه: إنا إلى الله وإنا إليه راجعون.

وأسفر الحادث عن وفاة ابنة الطبيب، فتاة في الثامنة عشر من عمرها، فيما أصيبت زوجته وأبنائهما الأربعة بإصابات بالغة جراء الحادث.
 

الأطفال يتنبأون بالحادث من قبل

وقبل الحادث بساعات، نشر طبيب الشرقية على صفحته فيسبوك عبارات كتبها له ابناءه: “أتمنى لك وقتا سعيدا، كن سعيدا يا بطلي”.. كانت تلك العبارات ترجمة لكلمات كُتبت باللغة الإنجليزية في رسالة من أحد أبناء الدكتور علاء عبدالسلام طبيب الاستقبال والطوارئ في مستشفى فاقوس المركزي بالشرقية، الذي تعرض لفاجعة جراء حادث اصطدام قطار بسيارة ميكروباص على متنها أسرته بالكامل.

وجدتها في حقيبتي، لا أعلم من كتبها ولم أبحث، ولكني أعلم محبتهم جميعًا، أسرتي الرائعة أحبكم جميعًا.. كانت تلك الكلمات الأخيرة التي كتبها الطبيب علاء عبدالسلام، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي، قبل ساعات من وقوع الحادث الأليم الذي فقد خلاله ابنته وأصيبت زوجته وأبنائهما الأربعة.

حادث قطار الشرقية

ما كتبه الطبيب كان محاولة للتعبير عن كم السعادة التي سكنت قلبه بعد أن عثر على ورقتين داخل حقيبته، الأولى مكتوب عليها باللغة الإنجليزية: have a nice time، والثانية: Be Happy، والورقتين مذيلتان بعبارة: To My Hero.

العبارات المكتوبة باللغة الإنجليزية، والتي جاءت ترجمتها: (أتمنى لك وقتًا سعيدا - كن سعيدًا - إلى بطلي)، كان لها وقع السرور على قلب ونفس الطبيب، لكنها ربما كانت الرسالة الأخيرة من ابنته روان، التي فقدها جراء الحادث، أو كتبها أيٍ من أشقائها الأربعة قبل إصابتهم في الحادثة، حيث لم يتعرف الطبيب على صاحب الورقتين، ولكن الرسائل عميقة التأثير والسعادة.