موقفه من سوريا الأبرز..وفاة القرضاوي تظهر تناقض المواقف لقادة حماس
توفي الداعية المصري الشيخ يوسف القرضاوي، أحد أبرز رجال الدين المقربين من جماعة الاخوان المسلمين والمقيم في قطر، انتمى الشيخ لجماعة الأخوان المسلمين التي تعد الأساس الفكري لحركة حماس، وبسبب مواقفه توفي ودُفن في قطر ولم يأتي لمصر.
تتّهم السلطات المصرية القرضاوي بأنّه الزعيم الروحي لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ العام 2013 وكان القرضاوي يترأس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، وقد وضعته السعودية ودول خليجية وعربية أخرى على لائحة لشخصيات "ارهابية".
وكان تواجده في قطر أحد أسباب مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة لعدة سنوات.
وكسب القرضاوي شهرته من خلال قناة "الجزيرة" القطرية حيث كان يطل للدعوة لدعم الحركات الاسلامية خصوصا اثناء فترة ما عرف بالربيع العربي.
وتعرض القرضاوي للمنع من دخول المملكة البريطانية المتحدة بسبب تأييده للعمليات المسلحة الفلسطينية بالإضافة لمنعه من دخول الأراضي الفرنسية مؤخرًا.كما أصدرت المحكمة العسكرية المصرية في 2017 حكمًا بالإعدام بتهمة التحريض على العنف في قضية اغتيال أحد الضباط عام 2015.
مواقف القرضاوي السياسية من الأحداث في سوريا
مع اندلاع ثورات المنطقة العربية كان القرضاوي من أبرز الداعمين لها،وكان من المناصرين للثورة السورية منذ بدايتها حيث وصفها ب"ثورة الحق ضد الظلم" كما وصف بشار الأسد "بالطاغية".
وظل القرضاوي الذي أعلن في أحد تصريحاته أنه محكوم عليه بالإعدام من قبل نظام الأسد، ثابتًا على موقفه ولم يتراجع عنها حتى وفاته.
كما دعا القرضاوي الدول إلى تسليح المعارضة السورية داعيا جميع المسلمين في كل البلاد أن "يذهبوا إلى سوريا إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلا ليدافعوا عن إخوانهم هناك"، ومن يستطيع القتال فليذهب ليقاتل، وأقسم أنه لو كان يستطيع ذلك لفعل دون تردد.
مواقف القرضاوي كانت شديدة الصرامة ضد النظام السوري حيث دعا المسلمين للقتال ضده، وشجع الدول على تسليح المعارضة السورية، ورفض الاعتراف بأي تواجد مستقبلي لنظام بشار الأسد ضمن المستقبل السياسي السوري.
مواقف القت بظلالها على علاقات الرجل الوطيدة مع حركة حماس التي بدأت مؤخرًا تنتهج نهج التقرب من النظام السوري والتودد له.
تناقض مواقف حماس وقادتها
قالت حركة "حماس" في بيان لها إن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، إلى جانب رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، وعددا من أعضاء المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وخليل الحية، وعزت الرشق، وحسام بدران، قد شاركوا في تشييع جنازة القرضاوي.كما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لخالد مشعل، رئيس حركة "حماس" بالخارج خلال تأبين يوسف القرضاوي،وتحدث مشعل في مقطع الفيديو المتداول عن رؤيته القرضاوي وقد "هد المرض جسده" وأن "الله تعالى أكرمه بوجه وضاء رغم كل حال نحولة الجسد لكن الوجه كان مشرقا وكانت هيبة العلماء وصورتهم العظيمة..".
توالت الإشادات من قادة حماس بالرجل وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في كلمة له خلال التشييع، إن الأمة فقدت علما من أعلامها الكبار، لافتا إلى أنه عاش وانتصر لقضايا الأمة، لاسيما القضية الفلسطينية.
كيف يفعل قادة حماس وأبرز وجهها الشيء ونقيضه في نفس الوقت، فكيف يعترفوا بالنظام السوري الحالي وعلى رأسه بشار الأسد ويفتحوا قنوات اتصال معهم في نفس المرحلة الزمنية ينعون الرجل الذي كان من أشد أعداء والمهاجمين على النظام السوري الحالي، ودعا في فتاوى صريحة له على حمل السلاح في وجه النظام السوري.كما تعد فتواه بإباحة دم الداعية السوري ( محمد رمضان البوطي )المقرب من النظام، الأبرز بين فتاواه التي تستحل دماء المخالفين. كما وصفه علماء دين سوريين بأنه سلط فتواه الدينية على قيادة وشعب سوريا لتحقيق أهداف سياسية.
في 15 سبتمبر/أيلول 2022 أصدرت حركة (حماس) بيانًا حسمت فيه قرارها بإعادة العلاقة مع نظام الأسد، وقد أكد البيان على مُضيّ الحركة فيما أسمته "بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة"، والحجة المعلنة هنا هي "خدمة لأمتنا وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، ولا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا".
فكيف يمكن لقادة حركة تتودد للناظم السوري الحالي وتسعى لإصلاح علاقتها به، أن يبالغوا في رثاء الشيخ القرضاوي الذي يعد من أكبر معارضي وجود هذا النظام، أين الاتساق الفكري والاستقامة في المواقف، يبدو أن حماس تنتهج النهج البرجماتي اكثر من اي شيء آخر هذه الفترة، سعيًا لجذب أكبر قدر من الدعم والاستفادة المادية والمعنوية.