لم يكن شخصًا عاديًا.. حكاية عامل البناء الذي شيعته قرية بأكملها في المنيا | شاهد
صحيح أنه مات لكنه باقي الأثر.. لن تجد منزلًا في قريتنا إلا ويعشق هذا الرجل".
اسمه سليمان محمد، مُعلم ترقى في المناصب الإدارية حتى وصل إلى مدير مدرسة بصفط الخمار التابعة لمركز المنيا، غير أن سيرته -كما يحكي أهالي قريته- ستُبقي اسمه حسن الذكر والحديث سنين طوال، وقد كان مثالًا لحامل رسالة العلم، أبى أن يبيع قيمها، فارتضى بأبسط المهن في مقابل الحفاظ على مبدأه.
توفي "سليمان" في ثاني أيام عيد الأضحى أثناء عمله، ليس في مدرسته التي يتولى أعلى منصب فيها، وإنما أثناء عمله الإضافي، عاملًا في أحد مواقع البناء. وقد خلص تقرير مفتش الصحة أنه توفي بهبوط حاد في الدورة الدموية بسبب توقف في عضلة قلب الرجل الذي تجاوز السابعة والخمسين من العمر.
نهاية زاد من جلال مشهدها موكب تشييع هذا المعلم، الذي امتلأ بأهالي قريته، وقد بدل خبر الوفاة فرحة العيد حزنًا على رجل أشاد بأخلاقه الجميع وحكوا عنها.
يروي مصطفى مرسي، أحد المقربين من الأستاذ سليمان بعضًا من سيرته، فيقول: "طوال حياته رفض الأستاذ الدروس الخصوصية رغم أنه مدرس على كفاءة عالية في مادة العلوم. كان
يؤمن بأن المدرسة البيت الأول والأخير للطلاب، لذا اختار لتدبير الأموال اللازمة لإعالة أسرته العمل لفترة إضافية في حرفة البناء".
لم يرى "سليمان" عيبًا في أي عمل يجنبه اللجوء للدروس الخصوصية. بدأ كعامل بناء منذ سنوات إلى جانب عمله التربوي، وقد كان فخورًا بذلك أمام الجميع، كما يضيف صديقه "مرسي"، الذي يتابع: "كانت طبيعته محبوبة للجميع، ترغبنا كلنا في مجالسته وتعلم حب الحياة والعمل الحلال منه".
عُرف الأستاذ "سليمان" بتطوعه في العمل الأهلي بالجمعيات الخيرية خدمة لأهله. "قد كان سباقًا إلى الخير ونشر الصلح والحب بين الناس"؛ هكذا أجمع جيرانه وأهالي قريته في ذكرهم سيرته.
وكانت صفحات التواصل الاجتماعي تداولت صورًا لجنازة المعلم المتوفي، مصحوبة بوصفه معلم لقمة العيش، الذي لم يخجل من تحسين دخله بالعمل الإضافي كعامل بناء، وسط تعليقات تصف حسن خلقه وحب الأهالي له.