من الإخلاء قسرًا لـ العثور على جثتها.. القصة الكاملة لطفلة غزة هند رجب | فيديو
بعد 12 يومًا على مغادرتها وأسرتها «قسرًا»، تنفيذًا لقرار قوات الاحتلال بإخلاء مناطق غرب قطاع غزة، والتحرك جنوبًا على طول الطريق الساحلي، تجاه المستشفى الأهلي شرقي المدينة، أملًا في الاحتماء من القصف، عُثر السبت، على جثمان الطفلة هند رجب ذات الـ6 سنوات، وخمسة من أفراد عائلتها، والمسعفين اللذين هرعا لإنقاذها، من الحصار الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على المركبة التي كانت تنقلها وعائلتها، في منطقة تل الهوا جنوب غرب القطاع.
وكانت المركبة حوصرت من قبل دبابات الاحتلال في محيط «دوار المالية» في حي تل الهوى، حيث ارتقى على الفور أفراد عائلتها، باستثنائها وابنة خالها ليان (14 عاما).
ونشر الهلال الأحمر الفلسطيني مقطعا صوتيا لاتصال هاتفي مع ليان، كانت تطلب فيه المساعدة وإنقاذها وأسرتها، من إطلاق النار، ليتم توثيق الواقعة الأليمة من خلال نشر تسجيل صوتي، سمع خلاله صوت الطفلة ليان وهى تحاول إخبار خدمات الإسعاف بما يدور حولها، بالقول: «عمو قاعدين بطخوا علينا، الدبابة جنبنا، إحنا بالسيارة وجنبنا الدبابة»، ليسمع بعدها صوت إطلاق وابل من الرصاص بينما كانت ليان تصرخ، حتى انقطع الاتصال.
وأعلن الهلال الأحمر،العثور على مركبة الإسعاف التابعة له في منطقة تل الهوى بمدينة غزة، مؤكدا استشهاد المسعفين يوسف زينو وأحمد المدهون، بعد فقد آثارهما أثناء مهمة انقاذ الطفلة هند.
ورغم حصول مركبة الإسعاف التي كانت في طريقها لإنقاذ الطفلة هند، على تنسيق مسبق للسماح بوصولها إلى «مكان الاحتجاز»، إلا أن الهلال الأحمر أكد أن الاحتلال تعمد استهداف مركبة الاسعاف فور وصولها الموقع، حيث عثر عليها على بعد أمتار من المركبة التي كانت تنقل الطفلة هند وأسرتها.
القصة الكاملة لوفاة الطفلة هند
تعود الواقعة إلى صباح يوم 29 يناير 2024، عندما غادرت هند منزلها في قطاع غزة، رفقة عمها وخالتها و5 من أبناء عمومتها، وفقًا لتقرير نشره «BBC».
وكان الجيش الإسرائيلي أمر السكان، في ذلك اليوم، بإخلاء المناطق الواقعة في غرب المدينة، والتحرك جنوبًا على طول الطريق الساحلي، وقررت الأسرة التوجه إلى المستشفى الأهلي شرقي المدينة، على أمل أن يكون مكانًا أكثر أمانًا للاحتماء.
وتتذكر السيدة وسام «والدة هند» أنه كان هناك قصف مكثف في منطقتهم، قائلة: «كنا مرعوبين وأردنا الهرب، كنا نهرب من مكان إلى آخر لتجنب الضربات الجوية».
وأضافت السيدة أنها بدأت وطفلها الأكبر في شق طريقهما إلى المستشفى سيرًا على الأقدام، بينما حصلت هند على مكان في سيارة عمها، وهي سيارة خاصة صغيرة سوداء اللون، مضيفة: «طلبت من هند أن تركب السيارة، لأنني لم أرغب في أن تعاني من المطر».
وتابعت: إنه بمجرد مغادرة السيارة، سمعنا صوت إطلاق نار يأتي من نفس الاتجاه بينما كان عم هند يقود سيارته باتجاه جامعة الأزهر الشهيرة في المدينة، مضيفة: يُعتقد أن السيارة واجهت بشكل غير متوقع الدبابات الإسرائيلية وجهًا لوجه، وقد اقتحموا محطة فارس القريبة للوقود بحثًا عن الأمان، ويبدو أنهم تعرضوا لإطلاق النار.
وفي داخل السيارة، اتصلت الأسرة بأقاربها طلبًا للمساعدة، واتصل أحدهم بمقر الطوارئ التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، على بعد 50 ميلًا (80 كيلومترًا) في الضفة الغربية المحتلة.
كانت الساعة حوالي 14:30 (12:30 بتوقيت جرينتش)، واتصل العاملون في مركز اتصال الهلال الأحمر في رام الله برقم الهاتف المحمول لعم هند، لكن ابنته ليان البالغة من العمر 15 عامًا ردت بدلًا منه.
وفي المكالمة الهاتفية المسجلة، تخبر ليان موظفي الهلال الأحمر بأن والديها وإخوتها قُتلوا جميعًا، وأن هناك دبابة بجوار السيارة، وتقول: «إنهم يطلقون النار علينا»، قبل أن تنتهي المحادثة بصوت إطلاق نار وصراخ.
وعندما اتصل فريق الهلال الأحمر، كانت هند هي التي تجيب، صوتها غير مسموع تقريبًا، غارق في الخوف، وسرعان ما يتضح أنها الناجية الوحيدة في السيارة، وأنها لا تزال في خط النار.
ليقول لها الفريق: «اختبئي تحت المقاعد لا تدعي أحدا يراكِ»، وبقيت العاملة رنا فقيه على الخط مع هند لساعات، فيما ناشد الهلال الأحمر الجيش الإسرائيلي السماح لسيارة الإسعاف التابعة له بالوصول إلى المكان، وظلت هند تطلب، مرارًا وتكرارًا، أن يأتي أحد لينقذها.
وسردت العاملة بالهلال الأحمر المكالمة: «كانت ترتجف وتحزن وتطلب المساعدة لقد أخبرتنا أن أقاربها ماتوا لكنها وصفتهم فيما بعد بأنهم نائمون فقلنا لها دعيهم ينامون، لا نريد أن نزعجهم»، مضيفة: «في وقت ما، أخبرتني أن الظلام قد حل وكانت خائفة»، وبعد ثلاث ساعات من بدء المكالمة، تم إرسال سيارة إسعاف لإنقاذ هند.
في هذه الأثناء، وصل فريق الهلال الأحمر إلى والدة هند، وسام، وقام بربط خط هاتفها بالمكالمة، وكان ذلك بعد حلول الظلام عندما أبلغ طاقم الإسعاف، يوسف وأحمد، العاملين بأنهم يقتربون من الموقع، وكانوا على وشك أن تقوم القوات الإسرائيلية بفحصهم للدخول.
واستطردت: كان هذا آخر ما سمعه العاملون من زملائهم أو من هند، حيث انقطع الخط عن المسعفين والفتاة البالغة من العمر ست سنوات.
بينما قال جد هند، بهاء حمادة: إن ارتباط الفتاة بوالدتها استمر لحظات أطول، وأن آخر ما سمعته وسام هو صوت باب السيارة وهو يُفتح، وأخبرتها هند أنها تستطيع رؤية سيارة الإسعاف في الداخل، متابعا: لم تتمكن فرق الهلال الأحمر في غزة ولا عائلة هند من الوصول إلى الموقع الذي لا يزال يقع داخل منطقة قتال نشطة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
في المقابل أفادت «سي إن إن» بتقديم إفادة للجيش الإسرائيلي حول تفاصيل الحادث يوم الجمعة 2 فبراير الجاري، بما في ذلك الإحداثيات التي قدمتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ليرد: إنه ليس على علم بالحادثة الموصوفة.
وفي اتصال آخر من «CNN»، يوم الإثنين الماضي بشأن الفتاة المفقودة وطاقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، قال جيش الاحتلال: إنه لا يزال يبحث في الأمر.