عقد زواج يثير الجدل.. علي جمعة يحسم الأمر بشأن الشهود والشروط
في سياق الأسئلة التي تتردد على ألسنة كثيرين بخصوص صحة عقود الزواج، ورد سؤال إلى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، حول واقعة عقد زواج فتاة داخل أحد المساجد بحضور والدتها وشهادة امرأتين ورجل واحد.
السؤال أثار جدلًا حول مدى صحة هذا العقد وفقًا للشريعة الإسلامية.
حكم عقد الزواج بشهادة غير مستوفاة
جاء رد الدكتور علي جمعة حاسمًا، حيث أكد أن هذا العقد يعتبر باطلًا وغير منعقد، لأن الشروط الأساسية لإتمام عقد الزواج الصحيح لم تُستوفَ، وأبرزها حضور ولي المرأة وشهادة رجلين عدلين على العقد. وأوضح جمعة أن هذه الأركان لا يمكن التنازل عنها لأنها تشكل أساس صحة العقد من الناحية الشرعية.
وأشار إلى أن عدم توافر هذه الشروط يجعل العقد كأن لم يكن، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والوضوح في العلاقات الزوجية، وهو ما يستدعي الالتزام بالضوابط الشرعية لضمان حقوق الطرفين.
عقد الزواج.. ميثاق غليظ وليس مجرد اتفاق
من جهته، وصف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية الحالي، عقد الزواج بأنه "ميثاق غليظ"، مستشهدًا بوصف القرآن الكريم لهذا العقد، حيث قال تعالى: "وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا" (النساء: 21).
وأوضح أن هذا الوصف يبرز مدى أهمية ومتانة عقد الزواج، الذي يجب أن يكون مبنيًا على التفاهم والاحترام بين الزوجين لمواجهة التحديات التي قد تعترض حياتهما المشتركة.
وأضاف علام أن فشل العديد من الزيجات في السنوات الأولى يعود غالبًا إلى عدم استيعاب الطرفين لأهمية هذا الميثاق، مشيرًا إلى أهمية البرامج التوعوية التي تقدمها دار الإفتاء، مثل دورات المقبلين على الزواج، والتي تهدف إلى إعداد الشباب للحياة الزوجية.
أهمية التخطيط والاستعداد للزواج
وأوضح علام أن الزواج يعد من أهم المشروعات الإنسانية، ويتطلب دراسة واستعدادًا كبيرين لضمان نجاحه، مشبهًا ذلك بدراسة الجدوى التي تُجرى قبل بدء أي مشروع كبير.
وأكد أن مرحلة الخطبة تُعتبر فرصة مهمة لتعارف الطرفين بشكل يؤدي إلى تحقيق الانسجام بينهما عند إتمام العقد.
تأخير عقد الزواج: جائز بشرط الاستعداد
وفي سياق آخر، أجاب الشيخ أحمد وسام، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول مدى جواز تأخير عقد الزواج بعد الخطبة لفترة طويلة.
وأوضح وسام أن الشرع لم يحدد مدة معينة بين الخطبة والعقد، وأن الأمر يعتمد على اتفاق الطرفين وظروفهما.
وأشار إلى أن الإسلام يحث على إتمام الزواج لمن يستطيع، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ" (متفق عليه).
نصيحة دار الإفتاء
اختتم وسام حديثه بالتأكيد على أن طول مدة الخطبة قد لا يكون مستحبًا إذا كان الطرفان مستعدين لإتمام الزواج، مشددًا على أهمية التعجيل بإتمام العقد إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك، تحقيقًا للسكينة والاستقرار الأسري.
بهذا يتضح أن عقود الزواج ليست مجرد إجراءات شكلية، بل هي مسؤولية كبيرة تتطلب الالتزام بالضوابط الشرعية والتخطيط الجيد لبناء حياة أسرية مستقرة ومتماسكة.