لحظات الرعب على محور الضبعة.. كيف انتهت رحلة «سارة» وطفلتها بحادث السوبرجيت؟
كان عصر الجمعة هادئًا في سوهاج، وهو الهدوء الذي امتد إلى داخل أتوبيس شركة الاتحاد العربي، حيث جلس الركاب على مقاعدهم، ينظرون إلى المستقبل القريب: زيارة عائلية، عمل، أو لحظات استجمام. لم يكن يعلم أحد أن تلك الرحلة ستتحول إلى مأساة.
«أصوات الركاب امتزجت بالأنين»
على محور الضبعة، قبل نزلة طريق مصر- إسكندرية الصحراوي، وقع حادث انقلاب الأتوبيس الذي يحمل 25 راكبًا، مخلفًا 13 إصابة متفاوتة، ورحيل سيدة وطفلتها، ليُسجل الحادث نهاية حزينة لرحلة لم تكتمل.
بين الضحايا كانت سارة مصطفى حفني، مديرة الخدمات المصرفية ببنك مصر فرع أخميم في سوهاج، وابنتها الصغيرة سيلين ذات السبعة أعوام.
في أعقاب الحادث، قررت نيابة الشيخ زايد، برئاسة المستشار إيهاب العوضى، حبس السائق «أحمد أسعد عبدالسلام عبدالمجيد»، 4 أيام على ذمة التحقيق، مع عرضه على الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات.
لم تكن سارة مجرد موظفة ناجحة؛ كانت قدوة للمرأة الطموح، التي توازن بين العمل والأسرة. ففي بنك مصر فرع أخميم، كانت «سارة» رمزًا للتفاني، تسعى بكل جهد لتقديم الأفضل لعملائها وزملائها، كان طموحها وطيبتها يجعلاننها محبوبة أينما وُجدت، وفق زملائها.
أما ابنتها «سيلين»، فقد كانت البهجة التي تُضيء حياتها. طفلة ذات قلب طاهر، تحفظ آيات من القرآن الكريم، وتملأ المنزل بابتسامتها الدائمة. كانت الصغيرة انعكاسًا للفرح، والحلم الذي تحقق في حياة «سارة»، قبل أن يُسلب فجأةً، حسب أقاربها.
الأتوبيس الذي أقلّ الركاب من سوهاج إلى الإسكندرية، كان يحمل معه أحلامًا وآمالًا، لكنها توقفت فجأة حين اختلت عجلة القيادة في يد السائق، فانقلب الأتوبيس على جانبه الأيمن. أصوات الركاب امتزجت بالأنين، بينما فارقت «سارة» و«سيلين» الحياة، تاركتين خلفهما ألمًا لا يوصف لأسرتهما.
في جنازة مهيبة، كان الجميع يقفون متشابكي الأيدي، يعانقون أحزانهم بصمت موجع. الدموع تساقطت على وجوه الأصدقاء والأقارب الذين ظلوا يتذكرون أجمل اللحظات مع سارة وسيلين، ويرددون الدعاء لهما بالصبر والرحمة. «سارة، كنتِ نورًا في حياتنا، رحلتِ ومعكِ قطعة من قلبك، سيلين، لكن ذكرياتكِ ستبقى فينا دائمًا»، هكذا قال أحد أصدقائها.
«ذكراهما ستبقى شاهدة على محبة الناس»
«حمزة»، الابن الأكبر لـ«سارة»، يقف الآن في مواجهة أقسى امتحان في حياته. فقد والدته وشقيقته في لحظة واحدة، لكنه محاط بدعوات الجميع أن يمنحه الله القوة والصبر.
النيابة قررت حبس السائق 4 أيام على ذمة التحقيق، مع عرضه على الطب الشرعي لتحليل المخدرات، كما أمرت بفحص الأتوبيس من الناحية الفنية، واستجواب المصابين، والتأكد من وجود كاميرات مراقبة لتوضيح ملابسات الحادث.
لم تتوقف الرسائل الحزينة عن التدفق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كتبت إحدى صديقات سارة: «سارة، كنتِ أختًا وصديقة، دائمًا مبتسمة، ولم نكن نتخيل يومًا أن نفقدكِ. نسأل الله أن يجمعنا بكِ وبسيلين في الجنة».
بينما يردد أقاربهما: «سارة وسيلين رحلتا عن هذا العالم، لكن ذكراهما ستبقى شاهدة على محبة الناس لهما، وعلى حجم الفراغ الذي خلفه غيابهما».